الرئيسيةUncategorizedروبابيكيا
Uncategorized

روبابيكيا

بقلم: ـــــــــــــــ

Walied Wagdy 

 

روبابيكيا 

 

لم تكن الخُردة في الماضي مجرد أشياء انتهى عمرها الافتراضي، بل كانت قيمة حقيقية تحمل بين طياتها معنى الاستمرارية والاعتماد على النفس. أواني النحاس، والهُون، ونحاس التشط، والنحاس الأحمر، كانت من أساسيات كل بيت مصري، وكذلك الوابور “أبو كباس” الذي كان رمزًا للحياة اليومية البسيطة.

 

وكما كانت هناك خُردة لها قيمة، كانت هناك تربية لها وزنها وأخلاق تُحترم. الاحترام كان سيد العصر، يسود بين الكبير والصغير، وكانت العقول واعية ومثقفة. العلم كان الحلم الأكبر لكل شاب، حتى غير المتعلمين؛ فقد تعلموا من الأجداد مبادئ الاحترام والأخلاق والانضباط.

 

كانت العقول قديمة في ظاهرها، لكنها ناضجة في جوهرها، تحمل ثقافة وفنونًا وأدبًا انتقل عبر الأجيال من الأب والجد. بذرة القيم كانت مزروعة، لكن هذه البذرة بدأت في التلاشي مع تغيّر الزمن وتسارع الإيقاع.

 

اختفى النحاس من مطابخنا القديمة، ومعه تراجعت الكثير من القيم الأخلاقية، وكأن الأخلاق سارت في طريقٍ موازٍ لاختفاء هذه الرموز الأصيلة.

 

الراديو القديم كان نافذة الوعي الأولى؛ منه استمعنا إلى السيرة الهلالية وأبو زيد الهلالي، وإلى المسلسلات الإذاعية، وإذاعة القرآن الكريم التي ما زالت تؤدي دورها حتى اليوم. أما التلفاز فكان أبيض وأسود بثلاث قنوات فقط، بلا تشويش فكري ولا محتوى يُجَوِّع العقل أو يفسد الذوق العام.

 

اليوم، امتلأت الشاشات بمحتوى يفتقر إلى الرسالة والهدف، وأفلام تروج للعنف والبلطجة والسلاح والمخدرات، ما ترك أثرًا سلبيًا بالغًا على عقول الشباب وسلوكياتهم. ومع هذا الواقع، أصبح الرجوع إلى قيم الماضي أشبه بالمستحيل.

 

نعيش الآن في زمن تتزايد فيه معدلات الجريمة، ونسمع يوميًا عن وقائع قتل وذبح بلا وازع أخلاقي أو إنساني. كما أن غياب الدور التربوي للأسرة منذ الصغر، سواء في تربية الأبناء أو البنات، أصبح سببًا رئيسيًا في كثير من الأزمات المجتمعية الراهنة.

 

أصبحت “البايكيا القديمة” مجرد أثر نعتز به ونحتفظ به كذكرى جميلة، بينما تحولت “بايكيا اليوم” إلى مظاهر سطحية فارغة من القيم، أجساد بلا حياء، وسلوكيات بلا احترام، ومشكلات بلا نهاية.

 

بايكيا قديم للبيع…

 

صرخة تحمل حنينًا للماضي، ودعوة صادقة لإعادة إحياء القيم قبل أن تصبح هي الأخرى مجرد ذكرى.

بقلم: ـــــــــــــــ
Walied Wagdy

روبابيكيا

لم تكن الخُردة في الماضي مجرد أشياء انتهى عمرها الافتراضي، بل كانت قيمة حقيقية تحمل بين طياتها معنى الاستمرارية والاعتماد على النفس. أواني النحاس، والهُون، ونحاس التشط، والنحاس الأحمر، كانت من أساسيات كل بيت مصري، وكذلك الوابور “أبو كباس” الذي كان رمزًا للحياة اليومية البسيطة.

وكما كانت هناك خُردة لها قيمة، كانت هناك تربية لها وزنها وأخلاق تُحترم. الاحترام كان سيد العصر، يسود بين الكبير والصغير، وكانت العقول واعية ومثقفة. العلم كان الحلم الأكبر لكل شاب، حتى غير المتعلمين؛ فقد تعلموا من الأجداد مبادئ الاحترام والأخلاق والانضباط.

كانت العقول قديمة في ظاهرها، لكنها ناضجة في جوهرها، تحمل ثقافة وفنونًا وأدبًا انتقل عبر الأجيال من الأب والجد. بذرة القيم كانت مزروعة، لكن هذه البذرة بدأت في التلاشي مع تغيّر الزمن وتسارع الإيقاع.

اختفى النحاس من مطابخنا القديمة، ومعه تراجعت الكثير من القيم الأخلاقية، وكأن الأخلاق سارت في طريقٍ موازٍ لاختفاء هذه الرموز الأصيلة.

الراديو القديم كان نافذة الوعي الأولى؛ منه استمعنا إلى السيرة الهلالية وأبو زيد الهلالي، وإلى المسلسلات الإذاعية، وإذاعة القرآن الكريم التي ما زالت تؤدي دورها حتى اليوم. أما التلفاز فكان أبيض وأسود بثلاث قنوات فقط، بلا تشويش فكري ولا محتوى يُجَوِّع العقل أو يفسد الذوق العام.

اليوم، امتلأت الشاشات بمحتوى يفتقر إلى الرسالة والهدف، وأفلام تروج للعنف والبلطجة والسلاح والمخدرات، ما ترك أثرًا سلبيًا بالغًا على عقول الشباب وسلوكياتهم. ومع هذا الواقع، أصبح الرجوع إلى قيم الماضي أشبه بالمستحيل.

نعيش الآن في زمن تتزايد فيه معدلات الجريمة، ونسمع يوميًا عن وقائع قتل وذبح بلا وازع أخلاقي أو إنساني. كما أن غياب الدور التربوي للأسرة منذ الصغر، سواء في تربية الأبناء أو البنات، أصبح سببًا رئيسيًا في كثير من الأزمات المجتمعية الراهنة.

أصبحت “البايكيا القديمة” مجرد أثر نعتز به ونحتفظ به كذكرى جميلة، بينما تحولت “بايكيا اليوم” إلى مظاهر سطحية فارغة من القيم، أجساد بلا حياء، وسلوكيات بلا احترام، ومشكلات بلا نهاية.

بايكيا قديم للبيع…

صرخة تحمل حنينًا للماضي، ودعوة صادقة لإعادة إحياء القيم قبل أن تصبح هي الأخرى مجرد ذكرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *