الدكروري يكتب عن سبحان الله الولي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد، إن من أسماء الله الحسني هو إسم الولي، وإن إسم الولي في اللغة هو ضد العدو، ومعناه في أَسماء الله تعالى الناصر، وقيل المتولي لأُمور العالم والخلائق القائم بها، الذي ينصر أولياءه ويليهم بإحسانه وفضله، جاء في شرح أسماء الله الحسنى وولاية الله لعباده تعني قربه منهم، فهو أقرب إليهم من حبل الوريد، وهي الولاية العامة التي تقتضي العناية والتدبير وتصريف الأمور والمقادير، أما الولاية الخاصة فهي ولايته للمؤمنين وقربه منهم، وهي ولاية حفظ ومحبة ونصرة، حيث قال تعالى في سورة يونس ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون ” وقد ورد اسم الولي مطلقا غير معرف.
في كثير من نصوص الوحي من القرآن والسنة، وورد بالتعريف في القرآن الكريم مرتين فقط في سورة الشورى، وهما قول لله تعالى في سورة الشوري ” فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ” وقوله تعالى ” وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد ” وأما الودود فمعناه المحب لخلقه والمحبوب لهم، جاء في لسان العرب الودود في أَسماء الله عز وجل المحب لعباده، وقد ذكر العلماء أن ولاية الله تعالى على نوعين، فالأول هو ولاية عامة بمعنى تدبيره وتصريفه لجميع الكائنات، وقيامه بأمورهم وشؤونهم، فهو سبحانه خالقهم ورازقهم ومالكهم، وهذه الولاية تشمل المؤمن والكافر والبر والفاجر، حيث قال تعالى في سورة الأنعام.
” ثم ردوا إلي الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين” وأما الولاية المنفية في قوله تعالى كما جاء في سورة محمد ” ذلك بأن الله مولي الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولي لهم” فهي ليست الولاية بالمعنى العام، بل هذه هي الولاية الخاصة، وهي النوع الثاني، لذلك يمتنع شرعا أن يقال الله ولي الكافرين، لأن هذا الإطلاق ينصرف إلى الولاية بالمعنى الخاص، وأما النوع الثاني وهو ولاية خاصة، أي بمعنى النصر والمحبة والتأييد والحفظ والتوفيق والهداية، وهذه الولاية خاصة بعباده المؤمنين وأوليائه الصالحين، حيث قال تعالى في سورة البقرة ” الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلي النور ” وكما قال تعالي في سورة آل عمران ” بل الله مولاهم وهو خير الناصرين “
وأما عن مقتضى اسمي الله الولي المولى وأثرهما، فإنه يقتضي هذان الاسمان استشعار ولاية الله تعالى للكون ولسائر المخلوقات، فهو المدبر والمتصرف والقائم بشؤونهم جميعا ولا قيام لأحد في هذا الكون إلا بولايته سبحانه وتعالى، إضافة إلى أن المؤمن يستشعر ولاية خاصة من الله تعالى جزاء إيمانه به وطاعته له عز وجل، وكما يقتضي هذان الاسمان موالاة الله تعالى، بمعنى محبته والاعتزاز به ونصرة شريعته، وينبني على ذلك موالاة أوليائه الصالحين ومعاداة الكافرين وأعداء الدين، كما قال تعالى في سورة المائدة ” إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ” وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلم الصحابة ويربيهم على مقتضى هذين الاسمين.
من ذلك ما رواه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة يوم غزوة أحد حينما قال لهم أبو سفيان ألا لنا العُزّى ولا عُزّى لكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أجيبوه” قالوا ما نقول؟ قال ” قولوا الله مولانا ولا مولى لكم”.
سبحان الله الولي