الرئيسيةمقالاتشراكة الأمل بين البترول والعلم… طريق جديد للتنمية في سيناء
مقالاتمنوعات

شراكة الأمل بين البترول والعلم… طريق جديد للتنمية في سيناء

شراكة الأمل بين البترول والعلم… طريق جديد للتنمية في سيناء

بقلم: الجيوفيزيقي محمد عربي نصار

 منذ البدايات… الشركة العامة للبترول وملحمة الاكتشاف في سيناء

في ستينيات القرن الماضي، كانت الشركة العامة للبترول (GPC) أول كيان مصري خالص يرفع راية الاستقلال في مجال الثروة البترولية بعد عقود من السيطرة الأجنبية. وُلدت الشركة من رحم الدولة لتكون الذراع الوطني في استكشاف البترول وإنتاجه وإدارته بكوادر مصرية خالصة.

وفي قلب جنوب سيناء، تحديدًا في منطقة رأس سدر، سطّرت الشركة فصولًا من العزيمة والعلم. هناك، بين الرمال والجبال، حفرت أولى آبارها في حقول سدر وعسل ومليحة، وأسست شبكة من المنشآت والمجمعات البترولية التي لم تقتصر على الإنتاج فقط، بل امتدت لتوفير فرص عمل لأبناء البادية والمجتمع المحلي، وخلق مظلة من التنمية الحقيقية في منطقة طالما ظلت بعيدة عن الأنظار.

على مدى عقود، أثبتت الشركة العامة للبترول أنها ليست مجرد كيان اقتصادي، بل رمز للسيادة الوطنية في الطاقة، وشريك أساسي في رسم ملامح التنمية الشاملة للدولة المصرية. واليوم، تعود من جديد لتؤكد هذا الدور، ولكن بثوب جديد يجمع بين الطاقة والعلم والتنمية المجتمعية الذكية.

 مركز بحوث الصحراء… منارات العلم في قلب القحط

أما مركز بحوث الصحراء، فقد وُلد من فكرة وطنية نبيلة في خمسينيات القرن العشرين، حين أدركت الدولة أن ثلثي مساحة مصر صحراء تحتاج إلى العلم لا المعاول وحدها. ومنذ ذلك الوقت، أصبح المركز أحد أهم أذرع البحث العلمي التطبيقي في الشرق الأوسط في مجالات الاستصلاح الزراعي، تنمية الموارد المائية، حماية البيئة، وإدارة الموارد الطبيعية.

من معامل المركز خرجت دراسات فريدة حول تحلية المياه المالحة، والزراعة في البيئات القاحلة، وتدوير المخلفات الزراعية، وتنمية الثروة الحيوانية في المناطق الصحراوية.

ولم يكن المركز مجرد مؤسسة أكاديمية، بل جسراً يربط بين العلم والمجتمع، بين الباحث والمزارع، وبين الفكرة والميدان. واليوم، يمد هذا الجسر إلى قلب سيناء ليصنع تنمية متكاملة جديدة بالشراكة مع عملاق البترول المصري.

 بروتوكول يجمع البترول بالعلم… من أجل مجتمع ذكي في رأس سدر

في مشهد يعكس وحدة الرؤية بين مؤسسات الدولة، وُقِّع مؤخرًا بروتوكول تعاون بين مركز بحوث الصحراء والشركة العامة للبترول تحت رعاية وزيري الزراعة والبترول، لتنفيذ مشروع متكامل بعنوان:

 “إقامة مجتمع تنموي ذكي بمنطقة الباغة – رأس سدر – جنوب سيناء”.

هذا المشروع لا يهدف فقط إلى تحسين الخدمات، بل إلى إعادة تشكيل مفهوم التنمية في المناطق الصحراوية، ليصبح العلم والابتكار الركيزة الأساسية للبناء.

يتضمن المشروع إنشاء وحدة لتحلية مياه الآبار لتوفير مياه شرب آمنة، ووحدة لإعادة تدوير المخلفات الزراعية لاستخدامها كأعلاف، إلى جانب دعم المرأة المعيلة والأسر المنتجة بنماذج متطورة للإنتاج الحيواني والداجني، مستندة إلى نظم ذكية وتكنولوجيا صديقة للبيئة.

إنها أولى خطوات بناء مجتمع ذكي في الصحراء، يقوده العلم ويغذّيه البترول، ليكون نموذجًا وطنيًا يمكن تكراره في مناطق أخرى من سيناء.

 الحضور والتكامل الوطني

حضر التوقيع قيادات المؤسستين؛ من جانب الشركة العامة للبترول كلٌّ من المهندس محمد عبد المجيد رئيس مجلس الإدارة، والمهندس محمد علي مساعد رئيس الشركة للعمليات، والمحاسب محمد عبد الغفار مساعد رئيس الشركة للموارد البشرية، إلى جانب مدير عام حقول سيناء المهندس أسامة عبد المنعم، وعدد من أعضاء مجلس الإدارة والنقابة بقيادة محمد مصطفى داوود.

ومن مركز بحوث الصحراء، قاد الدكتور حسام شوقي فريقًا من الباحثين المتخصصين الذين استعرضوا أحدث تقنيات المركز في مجالات تحلية المياه والاقتصاد الدائري في البيئات القاحلة.

الحدث كان أكثر من مجرد توقيع… كان لقاءً بين الفكر العلمي والقدرة التنفيذية، بين المعمل والبئر، بين الباحث والعامل.

 أثر المشروع على سدر وسيناء… من التنمية إلى الأمن

لا يمكن فصل التنمية عن الأمن، ولا يمكن الحديث عن سيناء دون الحديث عن الاستقرار.

المجتمع الذكي المزمع إنشاؤه في رأس سدر يمثل تحولًا استراتيجيًا نحو تنمية حقيقية، تستند إلى تمكين الإنسان قبل الحجر.

تحلية المياه تعني استقرار الحياة، وإعادة تدوير المخلفات تعني بيئة مستدامة، ودعم المرأة والأسر المنتجة يعني بناء مجتمع قوي يملك القدرة على الصمود.

من هنا، فإن هذا المشروع ليس مجرد اتفاق مؤسسي، بل رسالة وطنية مفادها أن سيناء ليست أرضًا بعيدة، بل قلب مصر المتجدد.

ومع تكامل جهود مركز بحوث الصحراء والعقول البترولية الوطنية، تصبح سدر نموذجًا جديدًا للتنمية الذكية التي تدمج العلم، والطاقة، والمجتمع في معادلة واحدة عنوانها:

 “سيناء… حياة تبنى بالعلم والبترول معًا.”

شراكة الأمل بين البترول والعلم… طريق جديد للتنمية في سيناء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *