صدق المشاعر

الباحثة: جنان الخفاجي
في زحام الحياة، حين تتشابك الأصوات وتتعدد الوجوه ويضيع الإنسان أحيانًا بين المسؤوليات الثقيلة، يبقى القلب هو البوصلة الوحيدة التي لا تخطئ الاتجاه. فهناك جمال خفيّ يسكنك، جمال لا يتجلى في الملامح بقدر ما يظهر في طريقة عبورك للأيام، وفي قدرتك على تحويل اللحظات العادية إلى بداية جديدة.
من جمال قلبك تُخلقُ البدايات، ومن نور روحك تتفتح الطرق مهما ضاقت أو تعثّرت. وإن كان العالم يبدو أحيانًا قاسيًا، فإن صدقك الداخلي يظل القوة التي تكسر حدّة القسوة، وتفتح نافذة ضوء لا يراها إلا من يحمل قلبًا يشبه قلبك.
كل يوم يمرّ عليك يزداد الكون إشراقًا… ليس لأن الزمن يقدم هداياه مجانًا، بل لأن في داخلك نية صادقة للحياة، نية تفهم أن المعنى هو ما نصنعه نحن، لا ما يُمنح لنا.
ابتسامتك ليست تفصيلاً عابرًا، بل علامة طريق، تؤكد أن اللطف لا يزول ما دام في القلب إشراق. وعندما تتعامل مع يومك بلطف، فإنك تمنح العالم فرصة ليتذكر أن الإنسانية لا تزال ممكنة، وأن الخير ليس مادة نادرة كما يُقال.
حين تُنير من الداخل، لا يحتاج نهارك إلى شمس أخرى. النور الحقيقي ليس الذي تأتي به السماء فقط، بل ذاك الذي يصعد من أعماقك، من تلك المساحة الهادئة بينك وبين ذاتك. هناك حيث تتصالح مع الماضي، وتسامح الأخطاء، وتقرر أن تكون أفضل مما كنت.
قلبك الطيب ليس مجرد إحساس جميل، بل طاقة تُعيد ترتيب العالم حولك في أجمل هيئة. أنت لا تدرك أحيانًا كيف تغيّر الآخرين، أو كيف تترك أثرًا دافئًا في أرواحهم بمجرد حضورك.
وفيك صدقٌ يجعل المستحيل يلين، ويحوّل العُسر إلى بابٍ جديد للأمل. كل خفقة في قلبك تحمل معنى، وكل معنى يفتح خطوة نحو حياة أكثر توازنًا وامتلاءً. وما من قوة أعظم من إنسان ينهض كل يوم بقلب نظيف، مهما أثقلته التجارب.
دع النور الذي فيك يسبقك… فهو البركة التي تلازمك في كل خطوة، وهو سلامك حين تشتد الطريق. عندما تكون بخير، يصبح كل ما حولك مفعمًا بالحياة، وكأن العالم يستمد توازنه من قوتك الهادئة.
من جمال قلبك تشرق ألف شمس. ومن صفاء روحك يولد غدٌ أجمل، غدٌ يشبه أمنياتك لا مخاوفك.
فامضِ مطمئنًا، فما دام فيك نور، لن يعرف يومك الظلام.
قلب نقيّ، مُضيء، وممتلئ بالسلام… هو أعظم ثروة نملكها، وأصدق ما نتركه أثرًا في هذا العالم.

