صرخة عبور.. حين يسقط الأطفال ضحايا الإهمال والظلام
محمود سعيد برغش
في مدينة العبور الهادئة، التي لطالما عُرفت بأنها منطقة سكنية آمنة وهادئة، انفجرت خلال الأيام الماضية واحدة من أبشع القضايا الإنسانية والتعليمية… قضية اعتداء على أطفال في مدرسة خاصة، اهتزت لها قلوب الأهالي قبل أن تهتز أروقة التحقيقات.
ليست الحكاية مجرد خلاف داخل مدرسة، ولا سوء إدارة، بل هي جريمة مكتملة الأركان تتعلق بانتهاك براءة أطفال في سن الزهور، أطفال لم يتجاوزوا السابعة، وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة خوف لا يُحتمل، وتهديدات لا يستوعبها عقل صغير.
تفاصيل الواقعة
بدأت الشرارة عندما لاحظت إحدى الأمهات تغيّرًا حادًا في سلوك طفلها بمرحلة KG2. خوف غير مبرر… بكاء مستمر… ارتباك عند الذهاب إلى المدرسة. وعندما تم الضغط عليه بلطف، تكشّفت وراء الصمت قصة مرعبة:
– غرفة مغلقة داخل المدرسة
– تهديد بسكين
– واعتداءات متكررة يقوم بها عدد من العمال والموظفين
ومثل كرة النار، بدأت الشهادات تتوالى من أولياء الأمور… لتكتشف النيابة وجود 6 أطفال يشتبه في تعرّضهم للاعتداء، وتلقي القبض على 4 موظفين من المدرسة.
وقف الأهالي أمام المدرسة لا يحملون سوى الغضب والدموع.
بعضهم قال:
“أطفالنا كانوا بيخافوا من غرفة معينة… وكل ما نسألهم يقولوا فيها حاجات وحشة.”
وآخرون يؤكدون:
“الموضوع مش وليد يوم ولا اتنين… ده سنين وشكاوى كانت بتتاخد باستخفاف.”
لتتدخل وزارة التعليم وتقرر فرض إشراف إداري ومالي على المدرسة لحين انتهاء التحقيقات.
ليست القضية مجرد خبر في صحيفة، إنها جرس إنذار يضرب التعليم الخاص في مصر. كيف يُترك أطفال تحت رحمة أفراد غير مؤهلين؟
كيف يُسمح بوجود غرف مغلقة داخل مدرسة؟
ومن يحاسب إدارة تجاهلت الشكاوى حتى اشتعل الحريق؟
الطفل لا يكذب… ودموعه ليست سيناريو…
وإذا خذلته أسرته ومدرسته، فمن يحميه؟
تعمل النيابة الآن على:
استجواب المتهمين
عرض الأطفال على الطب الشرعي
مراجعة كاميرات المدرسة
الاستماع لشهادات أولياء الأمور
وإذا ثبتت الاتهامات، ستكون هذه القضية من أقسى ملفات الاعتداءات المدرسية في السنوات الأخيرة.
ما حدث في مدرسة العبور ليس “حادثًا عابرًا”، بل جرح في وجه التعليم، وصفعة على ضمير كل مسؤول أهمل، وكل إدارة تغافلت، وكل نظام لم يحكم الرقابة كما يجب.
الأطفال أمانة…
وما حدث ليس مجرد جريمة… بل خيانة لهذه الأمانة.

