صفحات تاريخية مشرقة
إطلالة عبادي عبدالباقي
أولا :-
المقاومة الشعبية :-
هي حركة أو تحالف من مجموعات مختلفة ذات هدف مشترك، غالباً ما يكون مقاومة سلطة حاكمة أو قوة احتلال . يمكن أن تكون هذه المقاومة مسلحة أو غير مسلحة، ومنظمة أو غير منظمة.
قال لي شيخي يا ولدي :-
الفرق بين المقاومة الشعبية المنظمة أن :-
المقاومة المنظمة تتميز بوجود هيكل قيادي واضح وجيش يعتمد عليه وتدريب وتسليح متطور واستراتيجية محددة . بينما المقاومة غير المنظمة تكون عفوية، يقودها أفراد أو شيوخ قبائل ، وتعتمد على المتطوعين والأسلحة البسيطة، وغالباً ما تكون رد فعل مباشر على حدث ما .
صفحات تاريخية مشرقة
ثانيا :-
أسباب المقاومة الشعبية :-
مقاومة الاحتلال الأجنبي ، الدفاع عن الأرض والسيادة، بسبب التفوق العسكري للمحتل
وسد الفراغ السياسي الذي تحدثه الأنظمة الحاكمة السابقة ، ومواجهة السياسات الاستعمارية التي تهدف إلى السيطرة على الموارد و نهبها.
ثالثا :-
المقاومة الشعبية بالسويس :-
وقبيل وصول مراقبى الأمم المتحدة ، قررت إسرائيل اقتحام السويس، فى السادسة والربع من صباح ٢٤ أكتوبر ، وبدأت بالقصف الجوى و المدفعى على المدينة ؛ لمحاولة ضرب الروح المعنوية للأهالى المحاصرين بالداخل .
٤٠ ألف ضابط و جندى ونحو ٢٥٠ دبابة و مدرعة حاولوا الاستيلاء على السويس ، لكن أهالى السويس كان لهم رأى آخر، فقدموا ملحمة سجلها التاريخ تضامناً مع القوات المسلحة ، حتى وجدت إسرائيل نفسها فى حضرة شعب لا يعرف الاستسلام ، و كبدها خسائر فادحة و فاضحة بأقل الإمكانيات .
قال لي شيخي يا ولدي :-
فى يومى ٢٤ و ٢٥ أكتوبر ١٩٧٣ وقعت معركة السويس ، التى كانت أشبه بحرب مصغرة ، وتعد آخر معركة كبرى فى حرب أكتوبر ، قبل سريان قرار وقف إطلاق النار .
يا ولدي :-
هناك أعدادات سبقت الإقتحام
منها دور
العميد عادل إسلام ، القائد العسكرى للسويس ، مساء ٢٣ أكتوبر ، يعيد تنظيم وترتيب المقاومة ، مستعيناً بالفدائيين و أهالى السويس ، ولكن قبل الاقتحام بدقائق ، فوجئ أهالى السويس بالعدو يقطع عنهم إمدادات المياه والكهرباء وكذلك الاتصالات ، ليتم عزل السويس عن باقى المحافظات ، ولا يعرف أحد ما سيحدث فى الداخل ، واعتقدت إسرائيل أنها ستدخل السويس وتسيطر عليها فى دقائق ، وأن أهل السويس سيرفعون الرايات البيضاء مستسلمين ، ولكن ما حدث كان درساً فى تاريخ المقاومة والمعارك ، ظل يروى فى العالم أجمع ، و تتناقله الأجيال ، كان فيه الجيش والشعب روحاً واحدة .
فى صباح يوم ٢٤ أكتوبر، وبالتحديد مع الفجر ، فوجئ العدو بصيحات التكبير
«الله أكبر.. الله أكبر»،
إذ أعلن شعب السويس عن نفسه وعن استعداده للشهادة قبل التفريط فى الأرض التى تمثل له العرض، وبحسب ما قاله قيادات الجيش الإسرائيلى المشاركون فى المعركة ، فإنهم تفاجأوا بنيران تنطلق نحوهم من بؤر متعددة ، وصفوها بـ«نيران الجحيم».
وبعد قصف استمر ٣ ساعات متواصلة، بدأت كتيبة مدرعة التقدم من الجانبين ، إلا أنها واجهت كميناً شرساً من رجال الجيش المصرى ومقاومة السويس ، دمروا الدبابة الأولى أعلى الكوبرى الضيق ، فتراجعت باقى الدبابات للخلف ، ولكن بعدها فى تمام الساعة العاشرة وخمسين دقيقة ، تقدمت القوة الرئيسية فى ٣ موجات متفرقة ، كل واحدة مكونة من ٨ دبابات تتبع كل واحدة مدرعة ، وظلت تمر فى شوارع المدينة ولم تطلق عليها أى رصاصة من جانب الجيش المصرى أو المقاومة ، ولكن كل هذا كان أمراً مخططاً له ، حتى يعتقدوا فى داخلهم أن السويس سقطت و استسلمت .
الأهالى نصبوا فخاً لقوات إسرائيل فى ميدان الأربعين و جنودها واجهوا الموت ففروا هاربين
ومع وصول الموجة الأولى إلى ميدان الأربعين ، انفجرت شوارع السويس كبركان من الغضب، وتفاجأ العدو بقذائف «آر بى جى» مصوبة نحو دباباته و مدرعاته، حتى تم تحويلها إلى ركام، و بقيتهم لا يصدقون ما يحدث، إذ تحول ميدان الأربعين إلى قطعة من الجحيم، بحسب ما قاله قائد قوة المظلات فى معركة السويس، يعكوف حيساوى، فى تصريحات تليفزيونية.
بدأت قوات إسرائيل يصيبها الهلع والذعر، وكلما حاولت الاحتماء فى أى مخبأ ، تجد أهالى السويس يسيطرون عليه ، وعلى الفور حاولت الموجتان الثانية و الثالثة التراجع إلى الخلف والهرب ، بعد رؤيتهما لما حدث فى الموجة الأولى ، وخوفاً من تكرار الأمر معهما ، وفى المقابل تواجه القنابل اليدوية وزجاجات المولوتوف الملقاة من أيادى المقاومة عليهما، هذا التسليح البسيط والخوف دب الرعب فى نفوس المدرعات والدبابات ، التى بدأت الهرب كالفئران .
الاستسلام أمام شعب السويس بعد أن انهارت معنوياتهم ، و تأكدوا أن هذه المدينة غير أى مدينة أخرى دخلوها وسيطروا عليها، وأن شعبها لا يعرف معنى الاستسلام .
ويفضل الاستشهاد على أن يترك أرضه فى يد العدو ، ومع أذان المغرب كانت المدرعات الإسرائيلية تنسحب من مواقع الاشتباك، تاركين خلفهم١٥ دبابة و مدرعة تم تدميرها بالكامل ، فقرروا على الفور الانسحاب ، واكتفوا بالحصار من الخارج للسويس لمدة نحو ١٠٠ يوم، حتى جاء توقيع اتفاقية فض الاشتباك فى ١٨ يناير ١٩٧٤، تم فك الحصار بعد أن دفعت إسرائيل الثمن غالياً بسقوط ٨٠ جندياً من قواتها فى معركة السويس .
هذا مبلغ علمي والله أعلى وأعلم.
تحية إجلال وتقدير لأرواح شهدائنا الذين ضحوا بأغلى ما يملكون في سبيل الدفاع عن الوطن.
سنبقى نتذكر تضحياتهم العظيمة، وستبقى ذكراهم حية في قلوبنا.
نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة، وأن يجعلهم في أعلى مراتب الجنان .
اللهم أمين يارب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
صفحات تاريخية مشرقة