صلاح جاهين.. فيلسوف الضحكة والوجع في مئوية “الولد الشقي”
كتب: حمدى حسن عبدالسيد
تحتفل الأوساط الثقافية هذه الأيام بذكرى ميلاد “فيلسوف الفقراء” وصانع البهجة المصرية، صلاح جاهين، الرجل الذي لم يكن مجرد شاعر أو رسام كاريكاتير، بل كان “حالة” مصرية خالصة، صاغت وجدان جيل بأكمله عبر الكلمة والريشة واللحن.
العبقرية المتعددة: كيف قرأ جاهين روح مصر؟
لم يكتفِ جاهين بكونه رائدًا لشعر العامية، بل كان “مهندسًا” للهوية المصرية في أدق تفاصيلها. تميزت مسيرته بثلاث ركائز أساسية جعلت منه رقمًا صعبًا في تاريخ الفن العربي:
الرباعيات.. فلسفة الوجود بالعامية:
استطاع جاهين عبر “الرباعيات” أن يطرح أعقد الأسئلة الوجودية (الموت، الحياة، الحظ، القدر) بلغة بسيطة يفهمها العامل في مصنعه والفيلسوف في مكتبته. رباعيته الشهيرة “عجبي!” لم تكن مجرد كلمة، بل كانت صرخة دهشة مستمرة أمام تناقضات العالم.
ريشة الكاريكاتير الساخرة:
على صفحات “الأهرام”، كان كاريكاتير جاهين هو “المانشيت” الحقيقي. بريشته الرشيقة، انتقد البيروقراطية، وناصر الفقراء، ورسم الضحكة على وجوه المصريين حتى في أصعب لحظات الانكسار.
شاعر الثورة والأحلام الكبرى:
ارتبط صوت جاهين بصوت عبد الحليم حافظ ومشروع جمال عبد الناصر. هو صاحب “صورة”، و”بالأحضان”، و”يا أهلاً بالمعارك”. كان يؤمن أن الفن هو الوقود الحقيقي للتغيير الاجتماعي.
من “الليلة الكبيرة” إلى “يا واد يا تقيل”
تتجلى عبقرية جاهين في قدرته على القفز بين العوالم؛ فمن عالم العرائس السحري في “الليلة الكبيرة” الذي أصبح أيقونة الفلكلور المصري، إلى كتابة السيناريو والحوار لأفلام غيرت مجرى السينما مثل “خلي بالك من زوزو”، أثبت جاهين أن المبدع الحقيقي لا تحده قوالب.
الحزن الذي صنع البهجة
خلف هذا الإبداع المتدفق، عاش جاهين صراعًا نفسيًا عميقًا، خاصة بعد نكسة 1967 التي كسرت قلبه الشاعري. ومع ذلك، ظل يقاوم الحزن بالعمل، تاركًا لنا إرثًا يعلمنا أن “الضحك” هو أرقى أنواع الفلسفة.
”أنا اللي قتلت السنين بالضحك.. وأنا اللي قتلتني السنين بالبكاء” – من وحي رباعيات جاهين.
في ذكرى ميلاده، لا نحتفل براحل، بل بـ “حي” يسكن في كل نكتة مصرية، وفي كل بيت شعر يُلقى في المقاهي، وفي كل لوحة كاريكاتير تنشد الحرية.
هل تود أن أرشح لك مجموعة من أجمل رباعيات صلاح جاهين التي تناسب حالتك المزاجية اليوم، أو ربما ترغب في معرفة المزيد عن كواليس كتابته لأوبريت “الليلة الكبيرة”؟
صلاح جاهين.. فيلسوف الضحكة والوجع في مئوية “الولد الشقي”


