المقالات

عابده زاهده ولدت لأبوين فقيرين

جريدة موطني

عابده زاهده ولدت لأبوين فقيرين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 23 أكتوبر 2024

عابده زاهده ولدت لأبوين فقيرين
أحمده الحمد كله، وأشكره الشكر كله، اللهم لك الحمد خيرا مما نقول، وفوق ما نقول، ومثلما نقول، لك الحمد بكل نعمة أنعمت بها علينا في قديم أو حديث، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك، ولا إله إلا أنت، أشهد أن لا إله إلا الله شهادة أدخرها ليوم العرض على الله، شهادة مبرأة من الشكوك والشرك، شهادة من أنار بالتوحيد قلبه، وأرضى بالشهادة ربه، وشرح بها لبه، وأصلي وأسلم على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله وسلم على كاشف الغمة، وهادي الأمة، ما تألقت عين لنظر، وما اتصلت أذن بخبر، وما هتف حمام على شجر، وعلى آله بدور الدجى، وليوث الردى، وغيوث الندى، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن رابعة العدوية، وقيل أنها ولدت رابعة العدوية في مطلع القرن الثاني الهجري.

بالبصرة في العراق، وهي بنت إسماعيل العدوي، وسميت رابعة لأنها كانت الإبنة الرابعة على ثلاث أخوات، وقد ولدت لأبوين فقيرين لكنهما كانا من المؤمنين الورعين، ونشأت في بيئة دينية قويمة، وحفظت فيها القرآن الكريم ورتلته، وكان لديها من عذوبة الصوت ما يشجي السامعين، ويموت الأب فتصبح رابعة وحيدة، وتتفرق أخواتها عنها، ووقع في البصرة قحط عظيم ووباء ومرض، وكثر اللصوص في المدينة، ووقعت عين أحدهم على رابعة، فأخذها ليبيعها في سوق النخاسة لأحد السادة، والذي كان حاد الطابع، وفاجر النفس، وقد ذاقت الأمرين في بيته وتحت خدمته، فقد كان يسومها العذاب والذل، ويسخرها للأعمال الشاقة لكن نفسها الأبية كانت تقودها إلى الله سبحانه وتعالى فتناجيه وهي تنتحب فتقول.

“إلهي، أنا يتيمة معذبة أرسف في قيود الرق، وسوف أتحمل كل ألم وأصبر عليه، ولكن عذابا أشد من هذا العذاب يؤلم روحي ويفكك أوصال الصبر في نفسي، باعثه ريب يدور في خلدي هل أنت راضٍ عني؟ تلك هي غايتي، فيا للجمال، لم تكن رابعة العابدة تهتم بكل ذلك العذاب والألم والبؤس بل كانت ترى أن هنالك عذابا ووعيدا أكبر ذلك إن لم يرض الله سبحانه وتعالى عنها، فيا لها من روح حرة تتحدى قيد العبودية، فهي لا تأبه فالعقل مشغول بهم أكبر هو حب الله تعالى ، وإرادة التقرب إليه ونيل رضاه، وإستمرت رابعة مقيمة على ذلك الشقاء ردحا من الزمان، وعلى الرغم من ذلك البؤس الذي تعيشه، وذل سيدها لها إلا أنها كانت تراعي الله تعالى في خدمتها لشؤون البيت، فكانت تقوم بها في أكمل وجه.

وقبل ذلك كانت تقوم بفرائضها وعباداتها بشكل كامل لا يحول شيء بينها وتعبدها وتهجدها، وفي أحد الأيام، إستيقظ سيدها من نومه، فسمع رابعة وهي تناجي ربها، قائلة “إلهي أنت تعلم أن قلبي يتمنى طاعتك، ونور عيني في خدمتك، ولو كان الأمر بيدي لما إنقطعت لحظة عن مناجاتك، لكنك تركتني تحت رحمة مخلوق قاسي من عبادك” وفكر سيدها في أمرها طويلا، فهداه التفكير إلى ضرورة أن يهبها حريتها كاملة، ويخيرها بين البقاء في البيت أو الرحيل لتصبح حرة ذاتها وإرادتها، وعندما عرض عليها الأمرين، إختارت رابعة أن ترحل، ودخلت إلى مكان خرب من أجل أن تنقطع إلى عبادة الله سبحانه وتعالى ، فما كان يطلع على حالها غير علام الغيوب.

معتزلة الناس تماما، فلا يسمع عنها أحد من البشر أي شيء، وقيل إنها كانت تصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، وتذكر الله آناء الليل وأطراف النهار، ولا تخرج من معتزلها هذا إلا لتحضر مجلس الحسن البصري في بعض الأحيان.

عابده زاهده ولدت لأبوين فقيرين

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار