الرئيسيةمقالاتعندما كان الإيمان قويا في النفوس 
مقالات

عندما كان الإيمان قويا في النفوس 

عندما كان الإيمان قويا في النفوس 

عندما كان الإيمان قويا في النفوس 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله، لا مانع لما أعطاه ولا رادّ لما قضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا معبود بحق سواه، وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله ومصطفاه صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه ومن والاه، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله فسبحانه وتعالي القائل ” فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون ” ثم أما بعد لقد آمن المسلمون في عصورهم الأولى يوم كان الإيمان قويا في النفوس، تشتعل جذوته فتلتهب الجوارح، وتبذل الأنفس، ويضحى بالأرواح في ترسّم خطى تلك العظمة والجد في معرفتها، ونشرها على العالم مهذبة نقية حتى تحيا بها النفوس وتطمئن إليها القلوب، وبذلك كانت جميع أيامهم وجميع أوقاتهم ذكرى عملية لهذه العظمة، ذكرى عملية يتمثلون فيها مبادئه وأحكامه وإرشاداته الحكيمة ويسيرون على نهجها، فكانت حالتهم مثالا صادقا ومرآة صافية. 

 

ترى منها عظمة الرسول المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن الأمر بحاجة إلى مذكر بعظمة هم فيها سابحون، وبنورها مهتدون، فكانوا يرون النبي صلى الله عليه وسلم أعظم قدرا وأجل شأنا من أن يكرّم كما يكرّم آحاد الناس بخطبة تلقى أو حديث يذاع، أو فصل يكتب، فكرمه الله تعالي وليس بعد تكريم الله تكريم، وخلد اسمه في كتابه الخالد، فذكر اسمه صلى الله عليه وسلم الصريح، وذكره بوصف الرسالة مبعث العظمة، وذكره بوصف العبودية لله الواحد، وذكره بعظمة خُلقه، وذكره صلى الله عليه وسلم برحمته للمؤمنين، وبرحمته للناس أجمعين، وذكره صلى الله عليه وسلم بأنه المزكي للنفوس، والمعلم للكتاب والحكمة، فذكره بكل هذا كما ذكره بالتبشير والإنذار، وبأنه صلى الله عليه وسلم شهيد على أمته، وبأنه صاحب المقام المحمود، وجعل محبته من محبته.

 

وطاعته من طاعته، وذكره في كتابه الخالد بهذا وبغيره من أوصاف التكريم بل من الأوصاف التي طبعه عليها وصاغه بها بيانا لحقيقته، ورسما لوظيفته صلى الله عليه وسلم، ولم يقف التكريم الإلهي لمحمد صلى الله عليه وسلم عند هذا الحد، بل جعل له ذكرا في الأولين إذ كتبه في التوراة والإنجيل، وبشر به على لسان عيسى بن مريم، وجعل له ذكرا في الآخرين إذ قرن بينه وبين اسمه الكريم في كلمه التوحيد التي بها يكون المرء مسلما، والتي هي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، وإذ جعل المناداة باسمه جزءا من الأذان الذي يكرر في كل يوم خمس مرات بصوت مسموع إيذانا بالصلوات المفروضة، وجمعا للمسلمين على عبادة الله، وفي التشهد كلما صلى مسلم فرضا أو نقلا، فكم إذن من ملايين تفتر شفاهم، وتنطق ألسنتهم بذكر محمد صلى الله عليه وسلم في كل يوم وليلة.

 

كلما أذن مؤذن أو أجاب مجيب، أو صلى مصلّ أو آمن مؤمن، أو تلا قارئ أو حدّث محدث، ولم يكن بعد هذا كله ما يلتمس أن يكون لمحمد صلى الله عليه وسلم، ومتى كانت هذه العظمة تنسى حتى تذكر؟ ومتى كان هذا التكريم يخفى حتى يظهر؟ تلك روح خص الله بها نبيه ومصطفاه، لم تكن لتخفى على قلب يؤمن بالله وبرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد آمن الأولون بهذا كله، آمنوا بأن تمجيد رسولهم وتكريمه إنما يكون عن طريق إتباعه وإحياء سنته والتحلي بأخلاقه، وإقامة شرعه ودينه صلى الله عليه وسلم، فقد آمنوا بهذا واعلموا أن الإيمان الحق يثمر المحبة الصادقة؟ وللمحبة الصادقة حقوق وعليها تبعات، فمن حقوقها هو المتابعة لمن تحب، والرضا بما يرضيه، والغضب لما يغضبه، ومن تبعاتها تحمل المشاق والتضحية بالنفس في سبيل رضا المحبوب.

عندما كان الإيمان قويا في النفوس 

عندما كان الإيمان قويا في النفوس 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *