الدكروري يكتب عن الإقبال على كتاب الله تعالي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الأحد الواحد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو المستعان على ما نرى ونشاهد ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد عظم البلاء وقلّ المساعد، وحسبنا الله ونعم الوكيل وقد عظم الخطب والكرب زائد، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أفضل أسوة وأكرم مجاهد، صلى الله عليه وعلى آله أولي المكارم والمحامد، وصحبه السادة الأماجد والتابعين ومن تبعهم بأحسن السبل وأصح العقائد، وسلم تسليما كثيرا، الذي كان من مواقف رحمته صلى الله عليه وسلم هو رحمته بالصغار، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخلنا مع رسول الله على إبراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال عبدالرحمن بن عوف وأنت رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم” يا ابن عوف إنها رحمة ”
ثم قال صلى الله عليه وسلم ” إن العين لتدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ” رواه البخاري ومسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يُقعد أسامة على فخذه ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمهما ويقول ” اللهم ارحمهما فإني ارحمهما ” ودخل الأقرع بن حابس التميمي رضي الله عنه، فرأ النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن أو الحسين، فقال له أو تقبلون أولادكم، إن لي عشرة من الولد، ما قبلت أحدا منهم قط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أو أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه اجمعين وسلم تسليما كبيرا أما بعد فأنه يجب على المسلمين الإقبال على كتاب ربهم تلاوة وتدبّرا وعملا، حتى تحصل لهم الهداية، وحياة القلوب.
ولا تشبهوا بأهل الكتاب الذين حملوا التوراة والإنجيل، فأعرضوا عنهما، فقست قلوبهم بسبب ذلك، فلا يقبلون موعظة، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد، ومن أعظم ما يلين القلوب هو تذكر الموت، وزوال الدنيا، والانتقال إلى الدار الآخرة وإن من أعظم ما يقسيّ القلوب هو الغفلة عن الآخرة، ونسيان الموت، والانشغال بالدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “زوروا القبور، فإنها تذكر الآخرة” وقال عليه الصلاة والسلام “أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت ” وإن من أعظم ما يليّن القلوب هو الاعتبار بما جرى ويجري للأمم الكافرة من الهلاك والدمار، ومن أعظم ما يقسيها هو الغفلة عن ذلك، ومما يليّن القلوب أيضا هو الإكثار من ذكر الله عز وجل، ومن أعظم ما يقسّيها هو الغفلة عن ذكر الله، ويرفع الله الذي يطلب العلم والذي يعمل به كما يشاء.
فقال تعالى “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” أي يرفع الذين أوتوا العلم من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم درجات أي على من سواهم في الجنة، أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم ولقد مدح الله العلماء في هذه الآية، والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات، أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به، ومع أن الإسلام حرم الحسد إلا أن الشارع أباحه في مجال العلم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه علي هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها” متفق عليه.