الدكروري يكتب عن العمل الصالح وأنواع المعروف
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين ونصلي ونسلم ونبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، الذي ورد في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم أباح أكل الضب إذ وُضع الضبّ على مائدة يجلس عليها النبي صلى الله عليه وسلم فمدّ يده الشريفة صلى الله عليه وسلم ليأكل منه فقالت امرأة من الحضور أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدمتن له، فقلن هو الضبّ يا رسول الله، فسحب النبي صلى الله عليه وسلم يده فارغة ولم يأخذ منه شيئا، فسأله الصحابي الجليل خالد بن الوليد رضي الله عنه أحرام الضب يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه، فأكل منه خالد بن الوليد ونظر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقل له شيئا ”
وروى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أن ذئبا تعدى على شاة، وأخذها فطلبه الراعي بإرجاعها ثم انتزعها منه، فجلس الذئب وقال ألا تتقي الله، تنزع مني رزقا ساقه الله لي؟، فتعجب الراعي وقال يا عجبي مُقع على ذنبه يكلمني بكلام الإنس؟ قال الذئب ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ وأكمل قائلا محمد صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، فذهب الراعي مع أغنامه إلى المدينة وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فنادى النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة وقال للأعرابي أخبرهم، فأخبرهم وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السّباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة أي طرف سوطه وشراك أي سير نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده”
وكما روى سهل بن سعد رضي الله عنه أن امرأة قدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بردة هدية له، فقال صلي الله عليه وسلم ” أتدرون ما هي البردة، قال الصحابة نعم هي الشملة التي يتم النسج بداخلها، فقالت المرأة يا رسول الله، لقد نسجت هذه البردة بيدي لأكسيك بها، فقبل النبي صلى الله عليه وسلم الهدية ولبسها وخرج على قومه بها، فرآها عليه أحد القوم وطلب من النبي صلي الله عليه وسلم أن يعطيه إياها، فخلعها النبي صلى الله عليه وسلم وطواها وأرسلها إلى الرجل، بالرغم حاجته إليها آنذاك، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فإن من وسائل جلب السعادة هو الإحسان إلى الناس فالإحسان إلى الناس هو طريق السعادة للمحسن والمحسن إليه على السواء فقد سُئل أحد السلف الصالح، من أسعد الناس؟
قال إن كنت تبحث عن الراحة والسكون والطمأنينة، فأوصيك أن تمسح رأس اليتيم، وتقبل رأس ذلك العجوز الفقير، فمن أحسن إلى الخلق بالقول والعمل وأنواع المعروف فإن الله يدفع به الهموم والغموم عن العبد، ويعاملك الله وفق معاملتك لعباده، وقال الإمام ابن القيم رحمه الله “من رفق بعباد الله رفق الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفة عامله الله بتلك الصفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه”.