المقالات

عن موقف الخوارج مع الإمام 

جريده موطني

عن موقف الخوارج مع الإمام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

عن موقف الخوارج مع الإمام 

ذكرت المصادر التاريخية الكثير والكثير عن الإمام أبي حنيفة النعمان، وقيل أنه كان الإمام أبو حنيفة سريع البديهة، مفحما في حواره، مدافعا عن آرائه، دخل عليه الخوارج بسيوفهم يحتسبون الأجر عند الله بإغمادها في رقبته، فقالوا جنازتان بالباب إحداهما لرجل شرب الخمر فمات سكران، والأخرى لامرأة حملت من الزنا فماتت في ولادتها قبل التوبة، أهما مؤمنان أم كافران؟ فسألهم من أي فرقة كانا؟ أمن اليهود؟ قالوا لا، قال أمن النصارى؟ قالوا لا، قال أمن المجوس؟ قالوا لا، قال فممن كانا؟ قالوا من المسلمين، قال قد أجبتم، قالوا أهما في الجنة أم في النار؟ قال أقول فيهما ما قاله الخليل، كما جاء فى سورة إبراهيم ” رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعنى فإنه منى ومن عصانى فإنك غفور رحيم”

 

وأقول كما قال عيسى كما جاء فى سورة المائدة ” إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم” فنكسوا الرؤوس وانصرفوا، وكان في وجهه أثر السجود، يقوم الليل ويحييه، يتزين للصلاة ولو كان وحده، فالله أحق أن يتزين له، وقيل إنه ختم القرآن سبعة آلاف مرة، وكان يتم في رمضان ستين ختمة، وهى ختمة في بياض النهار، وختمة في سواد الليل، وكان يصلي العشاء والفجر بوضوء واحد أربعين عاما، وهذا مع ما فيه من المبالغة يدل على عبادة الرجل، وتنسكه، وكثرة تلاوته للقرآن، وحرصه على قيام الليل، وهذا هو الزاد الضروري لكل الدعاة، فقد كان سيد الدعاة محمد صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل حتى تتورم قدماه، وطالبه ربه مرارا بذلك.

 

وكأن القرآن يشير بذلك إلى أن الدعوة لا بد أن يسبقها تهيئة للداعية بقيام الليل والتهجد بالقرآن، فكان عصره يموج بالفتن والفرق، فاتخذ لنفسه موقف الحكم الذي لا ينحاز إلا إلى الحق، وصحيح الدين، وحين يضطر إلى الحوار مع مخالفيه كان يسعفه ذكاؤه وسرعة بديهته، كما حدث منه مع الخوارج القائلين بكفر مرتكب الكبيرة، وقد سبق إيراد الحوار معهم، وصرح في الفقه الأكبر بعقيدته الواضحة في قوله “ولا نكفر مسلما بذنب من الذنوب، وإن كان كبيرة، إذا لم يستحلها، ولا نزيل عنه اسم الإيمان، ونسميه مؤمنا حقيقة، ويجوز أن يكون مؤمنا فاسقا غير كافر” ومن أوضح الأمثلة على عبقريته في الجدال مع مخالفيه حتى يفحمهم أنه كان على موعد مع الزنادقة الذين ينكرون وجود الله.

 

وتدبيره للكون، فتأخر عن موعده عمدا، وحين سئل عن ذلك قال لم أجد مركبا يحملني عبر النهر، فوقفت أنتظر، فإذا بلوح من الخشب يظهر فجأة، وإذا بلوح آخر ينضم إليه ويلتصق به، وبلوح ثالث، حتى صارت هذه الألواح سفينة، وليس فيها أحد، فركبتها وأتيت إليكم، فقالوا جميعا إن هذا ليس من المعقول، فقال “أتتعجبون من صنع سفينة بلا صانع، وتنكرون أن يكون لهذا الكون البديع خالق مدبر؟ ومثل هذا المنطق هو الذي يفحم العلمانيين والشيوعيين واللادينيين.عن موقف الخوارج مع الإمام

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار