فقه الإصلاح بين الناس
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين واللهم اجعلنا من أوليائك المتقين وحزبك المفلحين واللهم إنا نعود بك يا ربنا أن نصر على معصية تبعدنا من القرب منك يا رب العالمين، إن من فقه الإصلاح بين الناس هو النية، وابتغاء مرضاة الله، وتجنب الأهواء الشخصية، والمنافع الدنيوية، إذا تحقق الإخلاص حل التوفيق وجرى التوافق وأنزل الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، ومن فقه الإصلاح سلوك مسلك السر والنجوى، فلئن كان كثير من النجوى مذموما فإن ما كان من صدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس فهو محمود مستثنى، وإن من الناس من يأبى أن يسعى في الصلح فلان أو فلانة.
وآخر يصر على أن تكون المبادرة من خصمه وتمشيا مع هذه المسالك السرية والتحركات المحبوكة أذن الشارع للمصلح بنوع من الكذب في العبارات والوعود فهذا هو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” فليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيرا، أو يقول خيرا ” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا يصلح الكذب إلا في ثلاث رجل يصلح بين اثنين، والحرب خدعة، والرجل يصلح امرأته” وميدان الصلح واسع عريض في الأفراد والجماعات والأزواج والزوجات، والكفار والمسلمين، والفئات الباغية والعادلة، في الأموال والدماء، والنزاع والخصومات، وسمع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، إذا أحدهم يستوضع الآخر ويسترفقه.
أي يطلب منه أن يخفف عنه دينه وهو يقول والله لا أفعل فخرج عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ” أين المتألي على الله ألا يفعل المعروف؟” فقال أنا يا رسول الله، فقال له “أي ذلك أحب؟” فعدل الرجل عن يمينه، واستجاب لتذكير رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة لله ورسوله، واستجابة لداعي الحق، فالإنسان هو البنيان المرصوص والجسد الواحد ذو الأعضاء المتعاطفة، تصوير لحال المجتمع المسلم الذي أراده الله وشرعه، ومن شأن ذلك البنيان والجسد حصول التصدع، والنفرة بين بعض أعضائه، وحصول التقاطع في أحايين قد تقل أو تكثر حسب ابتعادهم عن منهج الألفة والرحمة مما شرعه الله عز وجل، واتباعهم لأهواء النفوس، وضعفها، ونزغات الشيطان وحزبه.
وبعد ذلك تبقى مهمة ترميم البناء ورأب صدعه وإصلاح ذات البين وتأليف أعضاء الجسد المتشاكسين هي الواجب المحتم والوسيلةَ التي ترتقي بالمجتمع للغاية المرادة شرعا، والوظيفة السامية التي لا يُكرم بها إلا الأخيار، فينبغي علي المسلم أن يقدم خيرا لنفسه وأن يخاف من الله عز وجل، فإن الخائفين هم أهل القلوب الوجلة، فيقول تعالي كما جاء في سورة الأنفال ” إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلي ربهم يتوكلون” والخائفون هم أهل الخشية، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله، تحاتت عنه خطاياه كما يتحات من الشجرة ورقها” رواه الطبراني، والخائفون هم أهل البكاء، حيث قال عقبة بن عامر رضي الله عنه ما النجاة يا رسول الله؟ قال ” أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكي على خطيئتك”فقه الإصلاح بين الناس