بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 9 مارس 2024
الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن أحكام شهر رمضان المبارك، وإن الإشارة إلى الحكمة من فرض الصوم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب” يعنى لا يقول قولا يأثم به ولا يصخب فيتكلم بكلام صخب بل يكون وقورا مطمئنا متأنيا فإن سابه أحد أو شاتمه فلا يرفع صوته عليه بل يقول إني صائم، فيقول ذلك لئلا يتعالى عليه الذى سابه كأنه يقول أنا لست عاجزا عن أن أقابلك بما سببتني.
ولكني صائم يمنعني صومى من الرد عليك وعلى هذا فيقوله جهرا، كذلك أيضا إذا قال إني صائم، فهو يردع نفسه عن مقابلة هذا الذى سابه كأنه يقول لنفسه إني صائم فلا تردى على هذا الذي سب، وهذا أيضا معنى جليل عظيم ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى من الدنيا ما يعجبه وخاف أن تتعلق نفسه بذلك قال” لبيك إن العيش عيش الآخرة ” فالنفس مجبولة على محبة ما تميل إليه فإذا رأى ما يعجبه من الدنيا فليقل لبيك يعني إجابة لك يا رب، إن العيش عيش الآخرة أما عيش الدنيا فزائل وفان، وكذلك فإنه يجب الإستعداد بالجود والجود هو بذل المحبوب من مال أو عمل والإنسان يجود بماله فيعطي الفقير ويهدى إلى الغني ويواسي المحتاج، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم “أجود الناس” بماله وبدنه وعلمه ودعوته ونصيحته.
وكل ما ينفع الخلق وكان أجود ما يكون في رمضان لأن رمضان شهر الجود يجود الله فيه على العباد والعباد الموفقون يجودون على إخوانهم والله تعالى جواد يحب الجود” وقال النووى رحمه الله وهو يعدد فوائد الحديث ” ومنها استحباب إكثار الجود في رمضان ومنها زيادة الجود والخير عند ملاقاة الصالحين وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم” وكذلك أيضا الاستعداد لقيام الليل ولو بركعات قليلة وتبدأ صلاة الليل بعد صلاة العشاء حتى أذان الفجر، فيستحب أن يدرب المسلم نفسه على صلاة الليل، وكذلك التنافس في كسب الأجر، وتحصيل الحسنات فإن التنافس نزعة متأصلة في داخل كل إنسان، وتعني التسابق نحو النفيس من الأمور في نظر المتنافسين والراغب في جنة الخلد يجب عليه العمل بجد ومثابرة وإخلاص، حتى يحظى بالغفران والجائزة.
فعلينا أن نعيش في هذا الشهر المبارك بالتنافس في تحصيل الثواب والأجر ولا نتكاسل ونرتمي في أحضان شياطين الأنس والجن، فرُوي عن الحسن بن أبى الحسن البصرى أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال “إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا، وتخلف قوم فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، أى بمعنى كان سرور المقبول يشغله عن اللعب، وحسرة المردود تسدّ عليه باب الضحك، فاللهم أدخلنا الجنة بغير عذاب ولا حساب، اجعلنا من أهل الفردوس الأعلى، أدخلنا الجنة مع الأبرار يا رحيم يا ودود يا غفار.
فلا يرفث ولا يصخب