في رحاب الفلسفة الرواقيّة حوار مع الدكتور فاضل حنا
حاوره فادي خليل يوسف
في ضوء قراءتي الأخيرة للفلسفة الرواقيّة (القدريّة) عند أبكتيتوس الروماني، التقيتُ اليوم بالكتور فاضل حنا في كليّة الفلسفة، وكان الحوار كالآتي:
ألا ترى أنَّ الفلسفة الرواقيّة هي محضّ استسلام تامّ للقدر، حيث يشاء للقدر أن يتلاعب بالإنسان كما يشاء؟
إلى حدّ ما، يمكن القول أنَّ قولك صحيح. فالفلسفة الرواقية التي كانت مجرّد أفكار محكيّة في الماضي، أصحبت اليوم مُنتشرة بكثرة في التربية العربية الدينيّة، فقد تسمع المثل الشعبي يقول: ” المكتوب ما منّو مهروب” وتسمع فلان يقول: “نحنُ مُسيّرون ولسنا بمخيّرين.” وآخر يقول: “لا مهرب من القدر”. أليست تلكَ الأقوال وغيرها هي ضربٌ من الفلسفة الرواقيّة، دونَ أن يدري أصحابها أنّهم يتطرقون إلى إحدى نظريّات الفلسفة الشّائعة؟
إلى ماذا تُعزي الميل الخالِص لأبكتيتوس إلى القدر؟
إذا نظرتَ إلى حياة أبكتيتوس، منذ إن كان عبداً في السوق يُباع ويُشترى، إلى أن اشتراه أحد خدّام الملك في تلك الفترة، ليخدم في القصر الملكي، ليتحرّر أخيراً بفضلِ الحرب الأهلية في تلك الفترة التي أدّتْ إلى قتل الملك وتحرر العبيد من الرّق، بفضلِ الأفكار السقراطيّة، التي تُتيح حقّ التعلّم والمساواة بين الجميع. إذن، هنا نتساءل: أليستْ أحداث حياته جزءاً من لعبةٍ قدريّة آلهيّة مُحكَمة؟
ما رأيك بالانتقادات الشّديدة التي تعرّضت لها الفلسفة الرواقيّة وقولهم أنّها خالية من المشاعر كونها جامدة، تعتمد على الاستسلام التام للقدر؟
لا ضير من الانتقاد في الفلسفة، فيقول سقراط: “إنَّ حياة لا تخضع للنقد، هي حياة غير جديرة بأن نحياها”. وبالنّظر إلى كلّ النّظريات الفلسفية القديمة، نجد أنَّ انتقاد النظرية نفسها وضحدها هو ما أحياها في حقيقة الأمر، وهو ما أخذنا أيضاً إلى اكتشاف نظريّة ثانيّة مُضادّة للنظريّة الأولى. هذه هي الفلسفة باختصار.
ما هيَ الحريّة عند الفلسفيّين الرواقيّين؟
يعرّفها زينون الكيتومي (وهو أحد روّاد الفلسفة الرواقيّة) بتصرّف المرء في أفكاره وإرادته بحيث لا يمكن أن يقهره أحد على غير ما يريد. مَن لا يرضى بحاله فهو في سجن. السّجن الحقيقي هو أن تكونَ حيثُ لا تريد أن تكون.
ماهو الغرور عند الرواقيّين؟
يمكن الاختصار بالقول: قليل من الفلسفة يؤدّي إلى الغرور، كثير من الفلسفة يؤدي إلى التواضع. في رأيهم، الغرور الفكري هو احتباس أفكار غير مهضومة، غير مُكتملة النّضج. ولا سبيل إلى التعافي إلا بمزيد من الفهم، بمزيد من الفلسفة.
أخيراً، هل تأخذنا الفلسفة إلى الشعور بجهلنا أكثر؟
بالطّبع، وهو عين الصّواب. ولكن لماذا تغضب إذا باحَ لك المعلم (أو الكتاب) بحقيقة جهلك؟ هل تغضب من الطّبيب إذا أخبركَ بحقيقة مرضك؟ أو من المرآة إذا عكستْ لكَ حقيقة مظهرك كما هو؟!
في رحاب الفلسفة الرواقيّة حوار مع الدكتور فاضل حنا