قبل أن يؤسس لعلاقة إنسانية
بقلم/ د. حنان حسن مصطفي
قبل أن يؤسس لعلاقة إنسانية، لا بد وأن يبلور بناءً معرفيًا لعلاقات بينها قوامه وحدة الغرض، فالعلاقات تقدمها الطبيعة كهبات: جماعات تنتظم في شتات متباينة؛ دوافع تفرزها الطبيعة شتاتًا هائمًا. لكن تشييد بنية للعلاقات الإنسانية يتطلب إعادة البناء، وصياغة بنيات، وتشييدها.
فالفكر قبيل تبلوره وتشكل الوعي بالذات، لا يزال انتقال الذات نحو تشييد علاقات تلملم شتات كينونتها الأدبية في جوهر بنيتها الداخلية. مجاهدة لمستوى عنده ينتهي الاضطراب. وهو يعني تذكر الذات أنها تفقد وحدتها مع مرجعها البعيد: انفصالًا ولّده فقدًا. غير أنها، إذا لم تدرك نفسَها كذات، لن تتمكن من ترميم ما تفقده وعيًا. كما أنها إذا لم تعِ أن العلم نتاج انقسامها لن تبلغ غاياتها، ولن تكتمل وحدتها إلا حين تعي انقسامها الذي هو وعيها؛ ووعيها بانقسامها يعني إدراكًا لذات تتجدد على الدوام وتطلب صيرورتها بما هي كذلك.
هذه البنية هي ما يمدّ فكرنا بانفصال، هو مورد إمداد لا ينضب، بناؤه على تجديدية عشقٍ سهل البناء، وعذوبة كائنات التحولات موضوعيًا.
إن الوعي في سلسلة انبثاق الوجود، الذي لا يحده شيء، إنما هو واحد والواحد قائم قبل الواحد. إذ أن لدينا واحدين، واحد لا زمني وواحد زمني. سلسلة الوجود الكبيرة تتناهى في وحدات، في وحدات، في وحدات تنتهي بالواحد:
قبل أن يؤسس لعلاقة إنسانية
واحد بين الواحد الأزلي والواحد الدائم، إيحاء الكائن Oneary spirit الذي هو رمز إلهي فريد كي يقوم على التعبير (لتأليه) إتمامًا ينفذ على عتبة الوجود… على أنوار وتنسيم محبة ولذة ووجود كائن.