شريط الاخبار

قصة الشاعر الأخرس

 

قصة الشاعر الأخرس

الكاتب / عايد حبيب جندي الجبلي

تدور أحداث هذه القصة حول طفل أخرس يناهز عمره ثمانية عشر عاما  لأب يدعي اسمه شلبي يسكن في قرية من قري مصر المحروسة  قد تسرب الطفل من المدرسة بعد اجتياز الصف الثالث الإعدادي وذلك بسبب ظروف مادية آنذاك ، ثم اكتشف أن لديه موهبة الشعر فقام الأخرس بمسك القلم وكتب أول بيتين من الشعر وأشار الأخرس لأبيه وقد فرح فرحاً عظيماً بعد أن أشار لأبيه علي الورقة وأبوه لا يفهم ماذا يقصد أبنه ، فأشار الأب لأبنه أنت تعرف أنني لم أعرف القراءة فقام الأخرس بتقليد الشعراء والأب جاهلاً بكل ما يفعله الأخرس وكل ما يفهمه الأب أن الورقة مكتوب فيها سطرين فقام الأب بأخذ الورقة وخرج خارج المنزل فأخرج الورقة لأول شخص قابله من المارة يجيد القراءة فقال له الرجل أن هذين بيتين شعر فقال له شلبي ما هو الشعر فحاول

الرجل الذي قرأ بيتين الشعر أن يفهم شلبي ولكن شلبي لم يفهم ، فقال الرجل بعد محولات عديدا وضاق خلقه من كثرة تفهيم شلبي أنت لم تسمع قصص أبو زيد فقال شلبي نعم فقال الرجل هذا مثلها ولكن بطريقة أخري هل فهمت ؟ فقال شلبي للرجل شكراً لك ، وعاد شلبي إلي منزله وقام برمي الورقة لابنه وأشار له معبراً بإشارته عن معاني التهميش من الأب ، فغضب الأخرس من أبيه وأخذ الورقة بعصبية شديدة فاتجه مسرعاً للمدرس علي الذي كان يقوم بتدريس اللغة العربية له في المدرسة فطرق بابه بخرج له الأستاذ علي فتبسم في وجه الأخرس وشار له الأستاذ علي معبراً لم أرك منذ فترة طويلة فأشار له الأخرس بأنه مشغول

مع أبيه في الشغل ثم أشار الأخرس أنت أكثر إنسان تعرف لماذا أنا تسربت من المدرسة فابتسم الأستاذ علي ووضع يده علي رأس الأخرس وأخذه في حضنه بعد أن ربت علي كتفه ومشيراً له كنت أشطر تلاميذي فأشار الأخرس إلي السماء يقصد  هذه إرادة الله  فقام الأخرس بإخراج الورقة من جيبه ليطلع عليها الأستاذ علي فمد الأستاذ يده علي الورقة واطلع عليهما فقال للأخرس مشيرا له هل أنت الذي كتبت هذين البيتين فهز الأخرس رأسه فرفع الأستاذ يده عليِ كتفه بحنان ورقة وأشار له بإبهامه  وأرشده بأن يكثر من القراءة للشعراء الكبار وظل يقرأ حتي ناهز عمره أربعا وعشرين عاماً وهو يقرأ وكتب شعراً وكلما كتب قصيدة يقوم المدرس بمراجعتها لغويا ويمزج في قصيدته بين الواقع والخيال ويشير في قصيدته إلي الوقع من حوله والمتاعب

ومشقات الحياة التي يمر بها في المجتمع من حوله وترمز قصيدته إلي حياة الأغنياء وحياة البسطاء المعدمين وثقافة ملمة إن صح التعبير من الواقع العامة وقام بجمع كل أعماله التي كتبها وذهب بها للأستاذ علي ليقوم بمراجعتها فطرق باب منزل الأستاذ علي فخرج له علي وصافحه بحرارة وجلسوا علي المنضدة فمد الأستاذ علي وأخذ الأوراق التي فيها أعماله واطلع عليها فقال المدرس بالإشارة أنت جيد جداً وقال له أيضا أذهب لأحد الشعراء الكبار ليتعرف علي أعمالك ففهم الأخرس ما يقوله له المدرس وذهب لقصر الثقافة التابع له وعندما دخل القصر قابل أحد الموظفين يجلس علي كرسي فبادله التحية وأشار له الأخرس بأنه يريد أن يقابل أحد الشعراء الكبار فسأله الموظف ولماذا تريده ؟ فأشار له الأخرس بأن لديه أعمال شعرية فصاح الموظف

بالقهقهة والتصفيق علي يده مشيراً علي الأخرس بإشارات ساخرة تعني  أنت لديك موهبة الشعر !!!  ويشير عليه أنت أخرس وبالصدفة دخل أحد الشعراء الكبار فقدم الموظف له الأخرس بكل سخرية وهو يقهقه مرة ثانية وقال للشاعر الكبير أنظر لهذا الرجل وتأمله فقال الشاعر الكبير : ماذا به ؟ فقال الموظف هذا أخرس ويخبرني أن لديه أعمال شعرية ، فقال الشاعر الكبير : ولم لا ، فأشار الأخرس للشاعر الكبير علي الموظف بتعبيراته قاصداً  لماذا هو يقهقه ؟  فأشار الشاعر الكبير للأخرس معبراً له  دعه وشأنه  فمد الشاعر الكبير يده وأخذ الأوراق من الأخرس واطلع عليها بدقة شديدة وأخذ يضرب كفا علي كف ولم يصدق بأن هذا الأخرس هو الذي كتب هذه الكلمات فقام الشاعر الكبير من علي الكرسي الذي كان يجلس عليه وصافح الأخرس بحرارة

شديدة وقال له تفضل بالجلوس علي هذا الكرسي وأمسك الشاعر الكبير بورقة وكتب للأخرس فيها هل تستطيع أن تكتب عني بيتين الآن ؟ فهز الأخرس رأسه يعني  نعم  فكتب لهأنا أخرس لكن قادر أوصف لك تفانينكوأنا شاعــر ومن يومي أنا من محبينـكمن أشعار  كرم رضا منصورفأعجب الشاعر الكبير به جداً ، ومرت شهور ونشر الأخرس قصائده في بعض الجرائد وتمت استضافته في إحدى قنوات التلفاز ، وأخذ يتابع الحركة الثقافية لعدة شهور ، وقابل الشاعر الكبير الأخرس مرة ثانية وكتب الشاعر الكبير للأخرس في ورقة  ستقام أمسية للصم والبكم وأنت مرشح لحضورها لأنك تعرف كيفية التواصل معهم  ففرح الأخرس فرحاً شديداً ، وبعد عدة أيام قاموا بإعداد الأمسية وقد حضر حشد كبير من الصم والبكم وبعض الأشخاص الناطقين ، فألقي

الأخرس شعره أمام الجمع فنال إعجاب الصم والبكم فقاموا بالتصفيق له لأكثر من خمس دقائق من شدة أعجابهم به ولكن الأشخاص الناطقين لم يفهموا ما يقوله الأخرس وقد صفق له الشاعر الكبير بفرحة شديدة ، فسأله أحد الشعراء الموجدين قائلا : هل أنت فهمت ما يقوله الأخرس ولذلك صفقت له ؟ فقال الشاعر الكبير : يا أخي أنا والله لم ولن أكتب مثلما يكتب ، وإجابة علي سؤالك الذي سألته  لماذا أصفق له  قد صفقت لأن كل أعماله عندي ولذلك سأطبع له ثلاثة كتب ، وبالفعل قد طبع الأخرس ثلاثة كتب علي نفقته الخاصة بمعدل ألفين نسخة لكل أعماله وقام بتوزيعها في الأخبار ولكن لم يباع منها إلا نسبة قليلة جدا مائتين نسخة فقام بأخذهم  بعدما ذبلوا من شدة أشعة الشمس عند الباعة المتجولين فقام الأخرس بحرق كل مطبوعاته وعددها ألف وثمانمائة نسخة أمام وزارة الثقافة لأنه لم يجد قراء ولا بيعة لهم

تمت

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار