شريط الاخبار

قطع العوايد"‏

جريدة موطني

‏”قطع العوايد”‏
محمود سعيد برغش
‏”قطع العوايد” يعني العادات القبيحة في حياتنا، كل شيء يمثل عادة قبيحة عندك يعطلك عن ‏العطاء، وعن العمل فلا بد أن تقطعه تمامًا. “قطع العلائق” مرتبة من مراتب التوبة، يتعلّق الإنسان ‏بأشياء يعتقد أنها جزء من حياته، كاعتقاد كثير من المدخنين في السيجارة. هناك علائق تقطع، ويحلّ ‏مكانها علائق شرعية صحيحة، وكل شيء يحجبك عن الله تعالى فهو شيطان مارد. أيّ شيء أنت ‏متعلّق به، وفيه شبهة حرام يعطلك حتى لو كان في الأصل حلالًا، فاجعل تجردك وتخلّصك من هذه ‏المعطلات هو طريقك إلى الجنة.‏
التوبة معناها التخلّي حتى تصل إلى مرحلة التحلي، والتجرد من العادات والعلائق كي تصل إلى ‏قلب سليم وصدر سليم. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم بنور وجهك يا الله، اجعله دعاءً مسموعًا، ‏اجعله دعاءً مقبولًا. ‏
اللهم في هذا العام الجديد اغفر لنا فيما مضى، وتجاوز عنا فيما مضى، واحفظنا فيما بقي، واجعل ‏دخلة هذا العام فرجًا على بلادنا وعافية لبلادنا وبلاد المسلمين. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، واذكرنا ‏فيها في الملأ الأعلى وباعد بيننا وبين الأشرار وباعد بيننا وبين الفجار. اللهم تب علينا توبة ليس بعدها ‏ذنوب، واهدنا هداية ليس بعدها معاصي، اللهم ارفعنا رفعة لدرجاتنا وهداية لأمورنا وصلاحًا لنا ‏ولأولادنا.‏
اللهم اجعله عامًا سعيدًا على كل المسلمين، وعلى كل من ضاقت حيلهم واشتدت كرباتهم اغفر لنا ‏ولهم يا أرحم الراحمين. يا فارج الهمّ يا كاشف الغم يا مجيب دعوة المضطرين يا رحمن الدنيا والآخرة ‏ورحيمهما، اجعل لنا فرجًا وفتحًا ونصرًا.‏
اللهم إنا نسألك البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، وفقنا إلى ما تحبه وترضاه، اللهم استعملنا في ‏طاعتك. اللهم استعملنا في مرضاتك، اللهم بارك لنا في أوقاتنا، وفي أعمالنا، وفي أعمارنا، ونقنا، وطهّرنا، ‏وحصنا، وحصّن بيوتنا، وأولادنا، وبلادنا.‏
اللهم اجعل أول يومنا صلاحًا، وأوسطه فلاحًا، وآخره نجاحًا، اللهم أسعد أيامنا، وتولى أمرنا، ‏وأحسن أعمالنا، وأحسن خواتيمنا. يا قاضي الحاجات اقض حاجتنا، اللهم اجبر خاطرنا، اللهم اجعل ‏ألسنتنا ذاكرة، وعيوننا باكية، وأقدامنا ساعية، وقلوبنا شاكرة. أقسم بك عليك يا الله أطل أعمارنا، ‏أحسن ختامنا، تولى أمرنا، اللهم املأ قلوبنا بنور القرآن الكريم يا أرحم الراحمين.‏
‏***‏
الإيمان سريعًا ما يتبدل في قلب الإنسان، وأسرع شيء هروبًا منك هو الإيمان والخشوع، وأول ما ‏يرفع في هذه الأرض الإيمان والخشوع. اللهم يا مقلّب القلوب ثبت قلبي على دينك، نحن نعيش في عصر ‏الفتن والابتلاءات التي تعصف بقلوب الناس. ‏
‏{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24]، اللهم اجعلنا من القليل وكثّر بنا ‏الإسلام، وقوّ بنا الهمة وشدّ بنا العزيمة. الغاية من الصحبة الطيبة الاجتهاد في العبادة، وشحن البطارية ‏الإيمانية، وشحذ الهمم، وتقوية العزائم، وتذكيرك بالله تعالى.‏
‏{كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا} [طه: 33، 34]، الصحبة الطيبة تشعرك أن الله تعالى ‏معك، وتحيي فيك الخوف من الله تعالى. ‏
استشعار المراقبة من الله تعالى حالة من وصل إليها لن يفقد من الإيمان شيئًا، وإنما سيزداد الإيمان ‏يومًا بعد يوم. كان النبي صلى الله عليه وسلم يستشعر في الرفقة الطيبة راحة في الأبدان والنفوس والقلوب. ‏
الصلاة علاج لهموم الأمة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا حضر وقت الصلاة: “أرحنا بها يا بلال”. وكان ‏النبيّ صلى الله عليه وسلم محفز همم، وصانع أمم، وأخرج الله تعالى به الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط ‏العزيز الحميد. الصلاة راحة واستمتاع ولذة، ومن لم يستمتع بالصلاة فلا صلاة له، ومن لم يخشع قلبه ‏وجوارحه فلا صلاة له. لك أن تخرج من المعاش في الحياة أما المعايشة الإيمانية، فإنك تبقى بها حتى تلقى ‏الله تعالى عنوانها وشعارها ودثارها {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99)} [الحجر]. ‏
الذي يتعب من العبادة لن يصل إلى طريق الراحة، ولن تجد الراحة إلا عند أول قدم تضعها في ‏الجنة. لن تكون إمامًا مجددًا صاحب همّة، وصاحب عزيمة إلا بالصبر، {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ‏لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة: 24]. {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} [الكهف: 14]، هل ربط على قلبك أم أنك لا ‏زلت متأرجحًا بين شيطنة وملائكية؟
من سمات العمل الصالح ديمومة العمل، والبحث عن أبواب الطاعات التي لو حافظ عليها، فإن ‏أبواب الجنة الثمانية تنادي عليه يدخل من أيها شاء. ولو أن النوافل ترفع أعمال الإنسان، فما بالك ‏بالفرائض؟ {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]. أهل ‏الفضل وأهل العطاء وأهل المجاهدة لو عرفوا رحمة الله تعالى بهم ما غفلت أعينهم عن ذكر الله تعالى. ‏
إذا طلبت الرحمة في الدنيا فأنت واهم، وإذا طلبت النعيم في الدنيا، فإن نعيمها زائل وإن متاعها ‏قليل. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الْإِيمَانَ يبلى فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يبلى الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ ‏يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ”[رواه الحاكم] في مستدركه.‏
كل وقت مرّ عليك، ولم تذكر فيه الله تعالى فأنت في غفلة، ونادم عليه يوم القيامة، قال أحد ‏السلف: “إني لأحرم من قيام الليل لذنب فعلته”. والقلب في حاجة إلى غسيل، فمتى تغسل قلبك، {أَلَمْ ‏يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ (16)} [الحديد]. اللهم خشّع قلوبنا وبك عيوننا، ورقق ‏قلوبنا وزد إيماننا، وارزقنا اللسان الصادق.‏
قَالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «والله إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ». [رواه ‏مسلم]. القلوب في حاجة إلى غسيل، وغسيل القلوب بالاستغفار تارة وبالذكر تارة وبالنظر إلى الصالحين ‏تارة، وبمجالسة الملك سبحانه وتعالى. المسلم شيء عظيم عند الله تعالى، ولذا يعز عليّ أن بعض الناس ‏يعيشون حالة السلب بعد العطاء؛ لأنه ما سلب إلا بذنب. ويُسلب الإيمان منا؛ لأن الإيمان له ‏منشطات، وأصحاب الهمة الضعيفة يحتاجون إلى منشطات. كل مرحلة من مراحل حياتك ابحث فيها ‏عن ميراث النبي صلى الله عليه وسلم.‏
اللهم ارزقنا صحبة الأخيار، وباعد بيننا وبين الأشرار، اللهم فرّج الكربات، وأقل العثرات، وارفع لنا ‏الدرجات واغسل الأوزار. اللهم اغفر لنا وتجاوز عنا وسامحنا، واذكرنا في الملأ الأعلى مع النبيين ‏والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.‏

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار