قل اللهم انكً عفو تحب العفو فاعفوا عني
بقلم : أشرف عمر
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ:
*{ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا، قَالَ: قُولِي اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي }.*
حديث صحيح رواه الترمذي.
*شرح الحديث:*
مِن عظيمِ مِنَنِ اللهِ تعالى على أُمَّةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ جعَلَ لها في أيَّامِ دَهْرِها نَفحاتٍ؛ لِيَتعرَّضوا لها، ولِيَفوزوا فيها بعطايَا مِن اللهِ؛ لأنَّ الأمَّةَ أعمارُها قَصيرةٌ، وآجالُها مَحدودةٌ، ومِن تلك النَّفَحاتِ الجليلاتِ ليلةُ القدْرِ التي هي خيرٌ مِن ألْفِ شَهرٍ، كما أخبَرَ اللهُ تعالى في كتابِه.
وفي هذا الحديثِ أنَّ عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها سألَتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن لَيلةِ القَدْرِ، فقالتْ: “إنْ وافَقْتُها”، أي: إنْ أدرَكْتُ ليلةَ القدْرِ، كما في رِوايةِ التِّرمذيِّ وابنِ ماجه، ولَيلةُ القَدْرِ في العشْرِ الأواخِرِ مِن شَهرِ رمضانَ، وتكونُ في اللَّيالي الوِتريَّةِ، وتُعرَفُ لمَن أحْياها وأقامَها بعلاماتِها؛ ومنها: أنَّها ليلةٌ صافيةٌ، لا حارَّةٌ ولا باردةٌ، وتَطلُعُ الشَّمسُ عقِبَها لا شُعاعَ لها مُنتشرَ في الآفاقِ، وسُمِّيَت بذلك؛ لعِظَمِ قَدْرِها؛ لنُزولِ القرآنِ والملائكةِ فيها، وقيل: لأنَّ الذي يُحْييها يكونُ له قَدْرٌ بذلك، وقيل: القدْرُ مأخوذٌ مِن التَّضييقِ، والذي يُرادُ هنا إخفاءُ يَومِها عن الناسِ، وقيل: لتَقديرِ أفعالِ السَّنةِ بها؛ فتُكتَبُ فيها أقدارُ تلك السَّنةِ، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ اللَّفظُ مأخوذًا مِن بعضِ تلك المعاني أو كلِّها، “فبِمَ أدْعو؟” أي: ما يَفضُلُ مِن الدُّعاءِ في تلك اللَّيلةِ؟ فأرشَدَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أفضَلِ أنواعِ الدُّعاءِ في تلك اللَّيلةِ، وهو: “اللَّهمَّ إنَّك عفُوٌّ”، والعفْوُ هو التَّجاوُزُ عن السَّيِّئاتِ، “تُحِبُّ العفْوَ”، أي: تُحِبُّ ظُهورَ هذه الصِّفةِ، “فاعْفُ عنِّي”، أي: تجاوَزْ عنِّي واصفَحْ عن زَلَلي؛ فإنِّي كثيرُ التَّقصيرِ، وأنت أَولى بالعفْوِ الكثيرِ، وعفْوُ اللهِ تعالى يكونُ في الدُّنيا والآخرةِ، وهذا مِن آدابِ الدُّعاءِ؛ أنْ يُثنِيَ العبدُ على ربِّه سُبحانَه بصِفةٍ تُناسِبُ طَلبَه، وهذا الدُّعاءُ مِن جوامعِ الكلِمِ، ومَن دَعا به حاز خَيريِ الدُّنيا والآخرةِ.
صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.
قل اللهم انكً عفو تحب العفو فاعفوا عني