شريط الاخبار

كريمات السيرة الهلالية

جريده موطني

كريمات السيرة الهلالية

كتب فرج احمد فرجكريمات السيرة الهلالية

في امسية رائعة شاهدت لكم عمل للمبدعين الشباب في عمل ثقافي جاد في سينما الحضارة بالاوبرا المصرية ، هبطت عليهم طاقات الابداع والنور وكانها جأت من عوالم خارج هذا الكون وانصهرت تلك الطاقات الابداعية في بوتقة رؤية اخراجية وهي التي تدير وتتحكم بالعمل الفني من خلال رؤية للمخرج المبدع حسام عزام ، كريمات السيرة الهلالية عمل ورؤية نقدية للشاعر عبد الستار سليم ” شاعر الواو” ود. محمد امين عبد الصمد مشرف عام ادارة التراث الشعبي بالمركز القومي للمسرح والموسيقي واسراء حمودة ” خضره الشريفة” تفاعل معها جموع الحاضرين معبرين بكافة الاحاسيس الانسانية افراحا واتراحا وحماسة واصبحوا جزءا لا يتجزء مع العرض فتجدهم تارة يضحكون واخري يقطبون جبينهم ومع احداث الفرح يزغردون نقل تلك المشاعروالتي اداها الفنانين الشاعرة مروة تليمة والكاتبة مريم احمد والشاعرة هانيه جمال الدين والكاتب الروائي محمود محمد والقاصة سوسن رضوان ( شيحة ) والكاتبة والناقدة فاطمة سعد ( سعيدة) والكاتبة إسراء حموده ( خضرة الشريفة).

فالابداع هو تحويل الأفكار الجديدة والخياليّة إلى حقيقة واقعيّة، ويتميّز الإبداع بالقدرة على إدراك العالم بطرق مبتكرة وجديدة، وإيجاد أنماط خفيّة، وصُنع روابط بين ظواهر لم تكن تبدو مرتبطة ببعضها، والمساهمة في إيجاد الحلول خارج الصندوق، وبهذا فإنّ الإبداع يتضمّن عمليتين رئيسيتين هما التفكير ثمّ الإنتاج.

يعدّ الإبداع تفاعلاً لعدّة عوامل عقليّة وبيئيّة واجتماعيّة وشخصية، وينتج هذا التفاعل بحلول جديدة تمّ ابتكارها للمواقف العمليّة أو النظريّة في أيٍّ من المجالات العلميّة أو الحياتيّة، وما يميّز هذه المجالات هي الحداثة والأصالة والقيمة الاجتماعيّة المؤثّرة؛ فهي إحدى العمليّات التي تساعد الإنسان على الإحساس وإدراك المشكلة، ومواقع الضّعف، والبحث عن الحلول واختبار صحّتها،

وفي اداء موسيقي مسرحي سردي لسيرة دور النسوة ” كريمات ” الهلالية احسنها المخرج في انسجام الحركة والاضاءة والغناء والالقاء واداره الفنان سامح هريدي وغناء امنية طارق وعابد عبد العال ومصاحبة شاعر عازف الربابة ناجح عمارة “والعازفين عاطف عصام واحمد ايمن وامجد سامح ويوسف مجمود وفوزي حسين وصلاح.

واشعار عبد الرحمن الابنودي واشرف الخطيب فهذه السيرة تناولتها العديد من الدرسات والاعمال ، الا ان تناول الليلة ورؤية المخرج المبدع ان تكون في ابراز دور السيدات الكريمات في هذه السيرة .

وتخلل العرض اداء نقديا مسرحيا ادبيا من الاستاذ د محمد امين عبد الصمد ، فهذه الاعمال الجادة تطرد الاعمال الركيكة وتعلن ان بمصر فنون لابد الانتباه اليها وتقديم كافة الدعم لها كي تستمر.

وهذا العمل هو امتدادا لتراث شعبي عميق يتغلغل في ثقافتنا الغنية بالخيال والابداع مدي الزمان

والمراة هي محركة الاحداث في تلك الثقافات القديمة فكانت ملكات وامهات الابطال الذين قادوا الجيوش وحافظوا عل بلادهم من كافة الطامعين والاشرار .

الثقافات القديمة عامة (ومنها الحضارة المصرية القديمة) تجعل الأنثى خالقة للحياة، وتجعل الذكر خادمًا للحياة ، فحسبي أن سيرة بني هلال هي حكاية من خلق النساء وإبداعهن كحال “ألف ليلة وليلة”، فكثير من المشاهد في سيرة بني هلال لا تزال تحتل النساء بطولتها على نحو فريد لا نظير له في التراث العربي برمته، إلا في “ألف ليلة وليلة”، بينما يمثل الرجال حراسًا للسيرة الهلالية ورواة ومؤدين لها، على نحو أتاح لهم حرية صوغها في أشكال شعرية تتسم بالفحولة كالمربع والموال،

تناقش هذه السيرة من منظور جديد عبر منهج حداثي، مقدماً رؤية تغاير ما هو شائع حولها. فما هو معروف عن السيرة الهلالية أنها فن خاص بالرجال، وقد تسيَّد المؤدون الرجال رواية السيرة الهلالية من دون أن يكون هناك مكان للمرأة في هذا المجال.ولكن في هذا العمل برز جليا دور المراة في تسير الامور ودفة الاحداث في السيرة .

أن “سيرة بني هلال” هي حكاية من خلق النساء وإبداعهن كحال “ألف ليلة وليلة”، وتحتل النساء بطولة المشاهد المركزية فيها على نحو فريد لا نظير له في التراث العربي برمته، سوى ما هو موجود في حكايات “ألف ليلة وليلة”. بينما اقتصر دور الرجال على حراسة “السيرة الهلالية” وروايتها وتأديتها على نحو أتاح لهم حرية صياغتها في أشكال شعرية بعيداً عن السرد النسوي، فقد كان معنى السيرة من خيال المرأة فيما احتكر الرجال ألفاظها على الطريقة التي تناسبهم. فقد قاموا بتحويل أشكال السردية النسوية للسيرة بما فيها من العديد- فن شعري خاص بنساء يرثين فيه المتوفى- إلى أشكال شعرية تتعلق بالرجال. فمنهم من روى السيرة على شكل حداء الإبل، أو عن طريق الزجل، أو عبر الموال بصورة المختلفة. فقد حول الشعراء مسار “السيرة الهلالية” من السرد القصصي الذي يشبه حكايات “ألف ليلة وليلة” إلى السرد الشعري.

تحمل المرأة داخل السيرة دور البطولة بداية من خضرة أم “أبو زيد الهلالي” برحلتها إلى بلاد العلامات، حيث تتأزم الأمور معها حين تنجب ولداً أسود فتُتَهم في شرفها، فترحل عن القبيلة مع ولدها مطرودة، حتى تصل الأحداث إلى إثبات براءتها وعودتها مكرمة مع ابنها الذي أصبح فارساً مغواراً، لتتسلم “الجازية” راية قيادة السيرة، بما أنه كان لها ثلث المشورة. فلا يقدم القوم على أمر من دون أخذ رأيها لما تتمتع به من حكمة. كما أنها الشخصية الوحيدة في “السيرة الهلالية” التي ترد حادثة موته

وتعد “السيرة الهلالية” من أكثر السير الشعبية أو الأعمال الإبداعية الشعبية واقعية في أحداثها، وقد تكون العمل الشعبي الوحيد الذي لا ينتهي نهاية سعيدة لأبطاله كما هو معروف في الحكايات. فقد يلخصها المثل الشائع: “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”؛ تلك المقولة التي يتلقاها الرواة بريبة شديدة. فالرواة يعملون طوال الوقت على جعل السيرة حية، لذا فإنهم بعد وفاة أبطالها “أبو زيد، ودياب بن غانم، والزناتي خليفة، وحسن بن سرحان”، يجعلون أبناء هؤلاء الأبطال يكملون المسيرة عبر ما يعرف بحلقة الأيتام التي ترعاها “الجازية.

فرج احمد فرج

باحث انثروبولوجيا كريمات السيرة الهلالية

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار