الحرص علي نعم الله
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، سيد العادلين والمتقين، الذي كان صلى الله عليه وسلم إنسانا فريدا في كل أطوار حياته منذ طفولته المبكرة، ففي شبابه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كانت حياته نموذجا كريما للخُلق الرفيع، بل يقول بعض أصحاب السّير إن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهو رضيع كان دائما يرضع ثدي مرضعته الأيمن، ولا يرضع من الأيسر، كأنما يتركه لإخوته الآخرين من الرضاعة، ولا غرابة في ذلك فقد صنعه ربه على عينه، رباه فأكمل تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه، وفطره على محاسن الشيم ومكارم الأخلاق، ولا يستطيع بشر كائنا مَن كان أن يبلغَ من الخُلق الرفيع ما بلغه خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم.
لأن الله تعالي هو الذي ربّاه وكمّله، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، فلقد صح عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ما يدل على حرصه على نعم الله تعالى، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال صلى الله عليه وسلم ” إذا وقعت لقمة أحدكم فليأخذها فليمط ما كان بها من أذي وليأكلها ولا يدعها للشيطان ولايمسح يده بالمنديل حتي بلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه البركة” وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وجد تمرة فقال “لولا أن تكون صدقة لأكلتها” وإن من أخطر صور الإسراف المنهي عنها هو إسراف المال، لذلك يسأل العبد عن جميع أعماله مرة واحدة وعن ماله مرتين، فعن أبي برزه الأسلمى رضي الله عنه أن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم قال.
“لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع، عن عُمره فيما أفناه ؟ وعن علمه ماذا عمل به ؟ وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه؟ وعن جسمه فيما أبلاه ؟” رواه الترمذي، وقال الله سبحانه وتعالى في ذلك “ثم لتسألن بومئذ عن النعيم” وقال ابن القيم رحمه الله، والنعيم المسئول عنه نوعان، نوع أخذ من حله، وصرف في حقه، فيسأله عن شكره، ونوع أخذ بغير حله، وصرف في غير حقه، فيسأل عن مستخرجه ومصرفه، وإن المتأمل في أسباب الإفلاس التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال ” أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال ” إن المفلس من أمتى” يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا،
فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ” رواه مسلم، يجد أنها كلها دائرة على سبب واحد وإن تنوعت صوره، ألا وهي الاعتداء على حقوق الخلق وظلمهم فهذا شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، وإنما يحمل على الاستخفاف بها والجرأة عليها أمور، أولها الغفلة عن الحساب الأخروى، وإهمال محاسبة النفس في الدنيا، والاغترار بالقوة، وأمن العقوبة الدنيوية، والتعويل على العفو، والصحبة والمخالطة، وحتى يسلم المرء من مغبة الإفلاس في الآخرة، فإن واجبا عليه أن يكون يقظا تجاه حقوق الخلق، مرهف الإحساس نحوها.لحرص علي نعم الله لحرص علي نعم الله