منوعات

لدكروري يكتب عن يوم تدنوا الشمس من الرؤوس

الدكروري يكتب عن يوم تدنوا الشمس من الرؤوس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن المتقين يحشرون إلى ربهم يوم القيامة وفدا، وبينما المجرمين يساقون يومئذ زرقا، والشمس تدنو من رؤوس الخلائق، حتى لا يكون بينها وبينهم إلا قدر ميل، ولا ظل لأحد إلا ظل عرش الرحمن، فمن بين مستظل بظل العرش، وبين مضحو بحر الشمس، والأمم تزدحم وتتدافع، فتختلف الأقدام، وتنقطع الأعناق، فيفيض العرق إلى سبعين ذراعا في الأرض، ويستنقع على وجه الأرض، ثم على الأبدان على مراتبهم، منهم من يصل إلى الكعبين، ومنهم من يلجمه إلجاما، ويطبق الغم، وتضيق النفس، وتجثو الأمم من الهول على الركب، وترى كل أمة جاثية، والحقوق لا تضيع، بل يقتص حق المظلوم من الظالم، حتى يقاد فيما بين البهائم، وشر الناس يومئذ ذو الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه ومن نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.

 

ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والعادلون على منابر من نور عن يمين الرحمن، ويبعث كل عبد على ما مات عليه، فمن بات محرما بعث ملبيا، ومن قتل في سبيل الله جاء لونه لون الدم، والريح ريح المسك، والمؤذنون أطول الناس أعناقا، ولا يسمع مدى صوته شيء إلا شهد له يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا، وكل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس، والصراط دحض مزلة، فناج عليه ومخدوش ومكدوس في النار، والميزان بالقسط لا اختلال فيه، الحساب فيه بمثاقيل الذر، والمفلس يوم القيامة من يأتي بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته وهذا من سيئاته فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه.

 

أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم يقذف في النار، وفي آخر مشاهد القيامة يُنصب الصراط على متن جهنم، وهو جسر دحض مزلة، أدق من الشعر وأحد من السيف عليه كَلاليب تخطف الناس ويعطى المؤمنون نورهم فيعبرون، ويطفأ نور المنافقين فيسقطون ويكون مرور الناس على الصراط على قدر أعمالهم ومسارعتهم إلى طاعة الله في الدنيا، فمنهم من يمر كلمح البصر، ومنهم من يمر كالبرق، ثم كالريح، ثم كالفرس الجواد، ثم كركاب الإبل، ومنهم من يعدو، ثم من يمشي، ثم من يزحف، ومنهم من تخطفه الكَلاليب فتلقيه في النار، فتصور نفسك في القيامة وأنت واقف بين الخلائق ثم نودي باسمك أين فلان ابن فلان؟ هلم إلى العرض على الله، فقمت ترتعد فرائصك، وتضطرب قدمك وتنتفض جوارحك من شدة الخوف وتصور وقوفك بين يدي جبار السموات والأرض.

 

وقلبك مملوء من الرعب، وطرفك خائف، وأنت خاشع ذليل قد أمسكت صحيفة عملك بيدك، فيها الدقيق والجليل، فقرأتها بلسان كليل، وقلب منكسر، وداخلك الخجل والحياء من الله الذي لم يزل إليك محسنا وعليك ساترا، فبالله عليك، بأي لسان تجيبه حين يسألك عن قبيح فعلك وعظيم جرمك؟ وبأي قدم تقف بين يديه؟ وبأي طرف تنظر إليه؟ وأن الموت إذا جاء فلا يؤخر لحظة واحدة، ولا يقدم، فقال الله تعالي “وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا” ولا أحد يعلم متى يموت ولا أين سيموت، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تعوجوا، وداع يدعو من جوف الصراط.

 

فإذا أراد أحد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب، قال ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، والصراط هو الإسلام، والسوران هما حدود الله، والأبواب المفتحة هي محارم الله، وذلك الداعي على رأس الصراط هو كتاب الله والداعي من فوق الصراط هو واعظ الله في قلب كل مسلم ” رواه الترمذي، ويقول تعالي في سورة يونس ” والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار