لغز مقتل عائشة
الحلقة الثالثة: خيوط مفقودة
بقلم: فايل المطاعني
جلس النقيب سامح خلف مقود سيارته، غارقًا في حيرةٍ تزداد ثقلًا على صدره.
ما الذي يدفع طالبًا جاء للعلم والمعرفة، أن يتورط في جريمة قتل من الدرجة الأولى؟
حتى لو افترضنا أنه متطرف، فما الذي قد يجمع بين إرهابي وفتاة ثرية تعيش حياة مترفة؟
لا أفكار متشابهة، ولا ميول مشتركة… شيء ما لا ينسجم.
ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة وهو يتمتم:
– خيط مفقود؟ لا… بل خيوط مفقودة، متشابكة، تتوارى خلف ستارٍ غامض.
كان الإحساس يطارده بأن القضية أعمق من مجرد جريمة عابرة. طريقة التنفيذ تدل على انتقامٍ بارد ووحشي. لكن السؤال الجوهري ظل يطعن ذهنه: لماذا يقتل هذا الشاب حبيبته؟ ولماذا بتلك الطريقة؟
مكالمة الاعتذار
توقّف سامح فجأة بجانب الرصيف، التقط هاتفه وأدار رقم زوجته.
– مرحبًا نوال… أعتذر يا حبيبتي. لقد أفسدتُ سهرتنا، ولكنك تعلمين، رجل التحريات لا يملك حياته. الجريمة استدعَتني، جريمة قتل غامضة راحت ضحيتها ابنة أحد الأثرياء… تبًّا للمجرمين! لقد سرقوا منا حتى لحظة الفرح.
أضاف بصوتٍ حاسم:
– أوعدك أن نحل القضية بسرعة، وأعوّضك عن كل ما فات.
لكن نوال ابتسمت في الطرف الآخر وقالت ببرودٍ ممزوج بالخذلان:
– عندك قضية جديدة، وتقول نفس الكلام… لا جديد يا سامح.
أحسّ بثقل كلماتها، لكنه حاول التودّد بكل الطرق.
– فقط أعطيني ساعات قليلة… سنقبض عليه ونطوي الملف، وبعدها ضعي يدك على أي بلد، أقول لك حاضر… وتحت أمرك يا أجمل زوجة في تونس.
عالم نوال الداخلي
بينما هو يتحدث، كانت نوال في عالم آخر. أفكارها تتمرد وتهمس:
سامح يستخف بعقلي! جرائم القتل ليست سهلة كما يتظاهر… المجرم يفكر ويخطط وقد يكون له شركاء، يعرف أنه إن وقع بين يدي سامح ورفاقه فسينتهي إلى الجحيم في صندوق شحنٍ بارد. فكيف يُعقل أن يكتشف سامح القاتل في دقائق ويقدمه إلى حبل المشنقة؟
مدّت يدها إلى حقيبتها، أخرجت هاتفها، فتحت ألبوم الصور… توقّفت عند صورة زفافها.
هي ترتدي فستانها الأبيض، وسامح بجوارها ببدلته السوداء وربطة العنق الأنيقة، محاطًا بزملائه الضباط وهم يؤدون له التحية العسكرية. كانت ليلة حالمة… ولكنها صحَت على واقعٍ مُرّ.
همست بمرارة وهي تُغمض عينيها:
– سامح حياتي وعمري… حلمي الذي تحقق، لكن ماذا أفعل وقد سرقته ضُرّة لا تُفارق، اسمها الشرطة. كلما حاول أن يقترب مني، انتزعته مني ودفعت به بعيدًا… إلى عوالم القتلة والمجرمين.
ثم أضافت بضحكة حزينة أقرب إلى البكاء:
– كنت أحلم أن أكون زوجة ضابط شرطة… واليوم أنصح كل صديقاتي العازبات، بل كل الصبايا، ألا يربطن مصيرهنّ بضابط، حتى لو أهداهنّ ذهب الدنيا!
النهاية الصادمة
وما هي إلا ساعات قليلة، حتى جاءه اتصال هاتفي سيُسقط كل حساباته،
ويحوّل التحقيق من جريمة قتل… إلى مؤامرة تُهدد حياته هو نفسه!
يتبع…
لغز مقتل عائشة
الحلقة الثالثة: خيوط مفقودة
بقلم: فايل المطاعني