ادب وثقافة

لماذا أصبحنا غرباء فى تحيق حلمنا؟

جريده موطني

لماذا أصبحنا غرباء فى تحيق حلمنا؟

كتب – محمد خضر

 

لقد قالوا لنا أننا حين سنكبر سنصبح فنانين ولاعبي كرة وأثرياء وكاتبين ورسامين وممثلين مشهورين ورجال أعمال

لكن لم يحدث شيء من كل هذا لقد كان كل ذلك مجرد هراء

علمونا في المدرسة أننا حين سندرس سنبلغ ما نريد وتصبح حياتنا أفضل كلّما تقدمنا في الدراسة وكلما حصلنا الشهادات لنجد أنفسنا ندور في دوائر كبيرة ونعود الى نقطة البداية بعد أول دبلوم جامعي: مالذي نفعله هنا؟ والى أين نتجه؟

 

كانت الأحلام أمرًا جميلا حين كنا أطفالاً كان لنا متسع من الحلم كي نرى أن كل شيءٍ ممكن أننا سنكبر ونسافر ونجوب العالم ونفعل ما نريد ونعيش قصص حب استثنائية ونعمل الأعمال التي طالما حلمنا بها

تعرضنا لعملية تزييف ومغالطة تاريخية عبر عشرات قصص النجاح التي نسمع بها يوميا

اعمل بجد وستصل الى ما تريد

العشرات من القصص الفانتازية التي يلوكها هؤلاء “المتحدثون” ناسين أو متناسين آلاف قصص الفشل

 

لم لا يتحدث أحد عن المتشرد الذي حلُم بأن يكون رساما معروفا؟ لكنه انتهى برسم اللوحات الرخيصة في شوارع المدينة مقابل ثمنٍ بخس؟ لم لا يكتب أحد عن الطبيب الذي أصبح طبيبا فقط كي يرضي عائلته وسباب والده ولهفة أمه كي تتفاخر به أمام نساء ورجال الحي، رافسا بقدميه ملَكة الغناء لديه، طالما حلم بأن يعتلي خشبة عالية ويغني أمام الآلاف ويردد الجمهور العريض أغانيه وراءه، لكن أقصى حفلاته كانت في الحمام حين يستحم بعد يوم عملٍ طويل، محققا حلم غيره. أو طفلة منفية في ريفٍ بعيد لم تتجاوز دراسة الثانوية لان الذهاب للجامعة سيكلف والديها مئات الجنيهات التي لا يقدرون على تحصيلها؟

 

سيدور الجميع في دائرة كبيرة مخيفة: لم يحقق أحد حلمه، ومن حقق حلمه اكتشف أنه مشوه، قام رأس المال، التلفزيون والفيسبوك واليوتيوب والنظام والمحاضرات والمقالات بحشوه بآلاف الكذبات والمغالطات واليوتيوبيات والمثاليات التي لا توجد. ذهب الجميع في طرق ليست بطرُقهم وأخذوا مسارات لا ينتمون لها ولا تنتمي لهم وأصبحوا غرباء عن أنفسهم وعن بلدهم، ومن رحل منهم عن بلده لم يجد نفسه، بل أصبح شظايا متفرقة بين أمكنة كثيرة، فلا هو هنا ولا هو هناك.

طالما حلمنا بأن نجوب كل العالم أليس كذلك؟

لكن حين كبرنا وجدنا التأشيرة وشرطي الحدود ضخم الشاربين وصف السفارة الذي لا ينتهي والوثائق التي نغرق فيها كي ينتهي الأمر بعدم السفر في النهاية، حلمنا طويلا بأن نجوب كل بلد وا نتعرف على كل حضارة ونحب شخصًا على كل ضفة، لكننا عدنا بخيباتنا في جيوبنا نقتات منها أيام البرد.

 

نحن جيل التائهين: التائهون في الواقع وفي الخيال وفي الوهم وفي الحب: حتى حبنا أصبح مشوها، تحولنا الى مخلوقات سادية مخيفة، ما ان يقع أحد الطرفين في حب الطرف الآخر حتى يكشر الآخر عن أنيابه، كي يسحق ما تبقى فيه من مشاعر. نستغل الحب كي نكسر الآخر، نعذبه، نسحقه ثم نعتذر منه، أو نسحله، في فصامية مخيفة.

نحن نشيخ قبل شيخوختنا ونكبر قبل شبابنا ونموت قبل أن نحيا.

لماذا أصبحنا غرباء فى تحيق حلمنا؟

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار