الرئيسيةمقالاتلو أحسنت المنطق لأحسن الردّ
مقالات

لو أحسنت المنطق لأحسن الردّ

لو أحسنت المنطق لأحسن الردّ
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين، والعافية للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله سيد ولد آدم أجمعين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطاهرين، وسلم تسليما كثيرا، أما بعد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام “إن الله تعالى يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإن لا تفعل ملأت يديك شغلا و لم أسد فقرك ” ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” ما أصبح أحد في الدنيا إلا ضيف وما له عارية فالضيف مرتحل والعارية مؤداة ” فلما التقاتل والتزاحم والتناحر والتسابق على دنيا زائلة فانية، أوشكت على الرحيل والإدبار، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل، وعن بسر بن جحاش القرشي قال تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية.

” فمال للذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم كلا إنا خلقناهم مما يعلمون ” ثم بزق رسول الله صلى الله عليه وسلم على كفه، فقال ” يقول الله يا ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين بردين، وللأرض منك وئيد يعني شكوى، فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي، قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة ” وقال إبراهيم بن بشار ما رأيت في جميع من لقيته من العباد والعلماء والصالحين والزهاد أحدا يبغض الدنيا ولا ينظر إليها مثل إبراهيم بن أدهم، وربما مررنا على قوم قد أقاموا حائطا أو دارا أو حانوتا فيحول وجهه ولا يملأ عينيه من النظر إليه فعاتبته على ذلك، فقال يا بشار اقرأ ما قال الله تعالى ” أيكم أحسن عملا ” ولم يقل أيكم أحسن عمارة للدنيا وأكثر حبا وذخرا وجمالا،

ثم بكى وقال صدق الله عز اسمه فيما يقول ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ” ولم يقل إلا ليعمروا الدنيا ويجمعوا الأموال ويبنوا الدور ويشيدوا القصور ويتلذذوا ويتفكهوا، وجعل يومه كله يردد ذلك ويقول ” فبهداهم اقتده ” فالحقيقة الدامغة والمقدمة الراسخة والنتيجة الواضحة والمآل المحتوم، أننا في دار لهو وإبتلاء وإختبار وامتحان وعمل، وسوف ننتقل إلى دار الخلود والحساب والجزاء، فكن من عباد الله الحقيقيين ممن قال فيهم ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ” وحذار أن تكون ممن قيل فيهم ” قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ” ويذكر أن رجلا نزل هو وولده واديا، انشغل الرجل بعمله وأخذ الولد الصغير يلهو بكلمات وأصوات، فوجئ الولد أن لهذه الأصوات صدى يعود إليه.

فظن أن هناك من يكلمه أو يرد عليه، فقال من أنت؟ فعاد الصدى من أنت؟ قال الولد أفصح لي عن شخصك؟ فرد عليه أفصح لي عن شخصك؟ فقال الولد غاضبا أنت رجل جبان وتخفي عني، فرجعت إليه العبارة نفسها، فقال الولد إن صاحب الصوت يستهزئ به ويسخر منه، فانفعل وخرج عن طوره، وبدأ يسبّ ويلعن، وكلما سب أو لعن رجَعت عليه مثلها، فجاء الوالد ووجد ولده منهارا مضطربا، فسأله عن السبب، فأخبره الخبر، فقال له هوّن عليك يا بني، وأراد أن يعلمه درسا عمليا، فصاح بأعلى صوته أنت رجل طيب، فرجع إليه الصوت أنت رجل طيب، ثم قال أحسن الله إليك، فكان الرد أحسن الله إليك، وكلما قال كلاما حسنا كان الرد بمثله، سأل الولد والده بدهشة وإستغراب لماذا يتعامل معك بطريقة مؤدبة ولا يسمعك إلا كلاما حسنا؟ فقال له الأب يا بني، هذا الصوت الذي سمعته هو صدى عملك، فلو أحسنت المنطق لأحسن الردّ، ولكنك أسأت فكان الجزاء من جنس العمل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *