ماذا تخفي زيارة الرّئيس الإيرانيّ إبراهيم رئيسيّ لسورية ؟!.
كثرت التّحليلات والتّعليقات التي أعقبت زيارة الرّئيس الإيرانيّ إبراهيم رئيسيّ لسورية يوم الأربعاء الماضي ، والتي استمرّت ليومين ، وإن كانت الأولى منذ الأزمة السّورية عام ألفين وأحد عشر ، لكنّها كانت تحمل رسائل وأبعاداً سياسيّة وأمنيّة أكثر من كونها أخذت شكلاً اقتصاديّاً .
ورغم كلّ ما قيل عنها ، فإنّي أرى أنّ لتلك الزّيارة انعكاساتها وارتداداتها الطّبيعيّة ، وأرى أنّ هناك تحوّلاتٍ سياسيّةً كبيرة في المنطقة قادمة خصوصاً والعالم عموماً ، ومنها ما كان مفروضاً على سورية والجامعة العربيّة أن تعودا لسابق عهدهما ، وهذا ما أشرت إليه بمقالة نشرتها بتاريخ في التّاسع من الشّهر الماضي ، وذكرت أنّنا سنشهد بعض المتغيّرات السّياسيّة والاقتصاديّة العربيّة وربّما العالميّة ، لتمثّل نتائج لتلك العودة ، وأكّدت أنّ عودة سورية للجامعة يحقّق لها دعماً عربيّاً وتأييداً لها في ردّها القريب على الاعتداءات الصّهيونيّة المتكرّرة ، والتي كانت سورية تحتفظ فيها بحقّ الرّدّ ، لكنّ ذلك الرّدّ بات وشيكاً جدّاً ، ويتبعه اتّفاق السّلام السّوريّ الإسرائيليّ بعد وقف إطلاق النّار ، وهذا ما أشرت إليه أيضاً في بحث من أربعة أجزاء نشرته في عام ألفين وعشرين تحت عنوان : ” التّطبيع السّوريّ الإسرائيليّ القادم ( اتّفاق السّلام ) ، وأكّدت أنّ الأزمة السّوريّة لن تنتهي إلّا بحرب مع إسرائيل ، وقد غدا معظم الشّعب العربيّ السّوريّ قابلاً أيّ شيء يحقّق أمنه واستقراره وسلامه بغضّ النّظر عن التّطبيع والتّطبيل .
وإنّ قراءة تحليليّة لتلك الزّيارة وأبعادها الأمنيّة ، وإن أشار المتحدّث باسم الحكومة الإيرانيّة السّيّد علي بهادري جهرمي بأنّ الزّيارة لها أهمّيّة استراتيجيّة وهدفها اقتصاديّ ، ونلاحظ أنّها استراتيجيّة حقيقةً ، ولكن لو دقّقنا في تشكيلة الوفد الإيراني الذي ضمّ إلى جانب الرّئيس إبراهيم رئيسيّ كلّاً من وزراء النّفط والدّفاع والشّؤون الخارجيّة والاتّصالات والطّرق وبناء المدن ورئيس مكتب رئيس الجمهورية ومعاون الشّؤون السّياسيّة لمكتب رئيس الجمهورية ، لتبيّن أنّه لا يخفى بالتّالي البعد العسكريّ والأمني من وجود وزير الدّفاع الإيرانيّ العميد محمّد رضا آشتياني يؤكّد استراتيجيّة الزّيارة في التّرتيب الأمنيّ والعسكري ، وربّما لا أكون مبالغاً ، إذا قلت :
وضعت تلك الزّيارة اتفاقاً سرّيّاً وأسّست لموعد الحرب والرّدّ السّوريّ والإيرانيّ وحلفهما على تلك الاعتداءات الصّهيونيّة للأراضي السّوريّة في ضرب ما يسمّيه الصّهاينة ” المواقع العسكريّة الإيرانيّة ” في سورية ، ومن الأهمّيّة بمكان الإشارة للقاء الرّئيس الإيرانيّ بوفد من الفصائل الفلسطينيّة في ثاني يوم من زيارته ، والتي أكّد في كلمة له في مسجد السّيّدة زينب :
فلسطين حازمة في مقاومتها ضدّ إسرائيل ، والمقاومة هي السّبيل الوحيد لمواجهتها “. وهذا يعدّ تأكيداً على أنّ المقازمة قادمة والرّد قريب ، ونلاحظ أيضاً ما قاله فيدانت باتيل نائب المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكيّة، الذي يتماشى مع ذلك عندما عبّر عن القلق الكبير من تعميق العلاقات بين سورية وإيران ، فقال :
” يجب أن يكون مصدر قلق كبير ليس فقط لحلفائنا وشركائنا ودولنا في المنطقة، ولكن أيضا للعالم على نطاق واسع “.
وأعتقد أنّ إعادة توحيد الشّعب العربيّ السّوريّ لن يتمّ دون تلك الحرب القادمة _ بلا شكّ _ وسيتمّ بعدها خروج القوّات الأجنبيّة من سورية ، وستكون سورية أثناء ذلك في الطّريق نحو الاستقرار المنشود وإعادة الإعمار الذي لن يبدأ قبلها ، بعد اجتماع القمّة القادمة أيضاً لتنال سورية دعمها العربيّ القادم ،وسنتابع مجريات الأحداث وما سيجري بُعيدَ القمّة العربيّة بفترة لن تطول ، وسنكون مع نشوب الحرب التي تمّ الاستعداد والتّهيئة لها .
بقلم الباحث والمحلّل السّيّاسيّ : أ. نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية