ماهو الانسان ؟؟؟؟
حقائق من العرفان
كمية من الماده تحرك أفعالها مشاعر وأحاسيس إراديه
وتديم لها الإستمراريه بالحياة أفعال لاإراديه (الروح ).
سأتناول الموضوع بطريقة القصه …
البدايه
وحدي أنام في كيس .. كان ترابا ممتلئا بالماء.. وقد تحول نتيجة لذلك إلى طين.. بل إنه تغير من طول المكث، فصار حمأ مسنونا.. لعله يشبه الحمأ المسنون الذي تشكل منه آدم عليه السلام.
إستيقظت من حلم كأني في تلك المتاهة..
ولم أكن أعرف من أيقظني.. ولكني شعرت بيده الحانية تربت على كتفي..
وتوقظني بحنان..
كان ذلك هو أسعد شيء في رؤياي..
وليتها توقفت عند ذلك الحد.. ولم أتعرض لتلك الإختبارات التي تعرضت لها..
والتي جعلت حلمي كابوسا ثقيلا ملأني رعبا.
سرت في تلك المتاهة خطوات طويلة إلى أن وجدت المفاجئه
قصرا (المجتمع )
إستقبلني صاحب القصر أحسن استقبال..
بل أتاح لي في ذلك القصر والجنة المحيطة به من المتاع ما لم أرى مثله في حياتي..
بعد أن مكثت فترة في ذلك الجو الهادئ السعيد..
لم تطمئن نفسي لتلك الحياة التي ليس فيها إلا اللذة المجردة عن كل تكليف وكل مغامرة..
لذلك طلبت أن يكلفني بأي عمل
وقلت له: نعم أنا معك الآن..
نظر إلي صاحب القصر بعين حانية ممتلئة بالشفقة، وقال: لقد جاء قبلك من طلب مني ما تطلب..
لكنه ما إن وضع قدمه على مقام التكليف حتى إمتلأ عقله وقلبه وكل قواه بالتحريف..
فراح يصورني في أذهان الخلق بصورة المجرم..
قلت بغضب:
ويل للمجرم..
أيقابل مثلك بهذا؟
قال:
لا تهتم..
فقد نال جزاءه..
فإني مع كرمي الشديد لا أترك لأي أحد الفرصة أن يعبث بسمعتي أو بالرحمة والعدالة التي أشعر أن الله كلفني برعايتها.
إسند إلي أي وظيفة..
بل إسند إلي أخطر الوظائف.. فإن لدي من القدرات ما يطيق أعلى الوظائف وأدقها.
إبتسم، وقال:
سأعطيك (اموال ).
قاطعته قائلا ـ وقد سال لعابي، ولم أملك أن أحبسه ـ :
وما أفعل بها؟
قال:
لقد تعودت أن أتعهد قرية من القرى الضعيفة الفقيرة بما يكفيها من المال وغيره..
وأنا لا أطلب منك إلا أن توصل تلك الاموال لتلك القرية.. وتوزعها بحسب ما لديك من موازين العدالة التي ذكرتها لي.
قلت ـ وأنا ممتلئ زهوا ـ :
ما أبسط ذلك..
وما أيسره..
نم هانئا..
فلن يجد أهل القرية مني إلا ما وجدته منك من الكرم والرحمة واللطف والحنان..
سأسير فيهم بما تعلمته منك.. فقد تعلمت منك الكثير.
قال:
لكن احذر..
فهناك محتالون..
قد يخادعونك..
وقد يأخذون منك الاموال ليستأثروا بها لأنفسهم، ويدعو أهل القرية للجوع والعراء.
قلت:
لا تهتم..
أنا لم أذكر لك طاقاتي جميعا.. لدي طاقة تسمى الفراسة أتفرس بها الوجوه لأميز الخبيث من الطيب..
والكاذب من الصادق..
والخب من المغفل.
قال:
واحذر أن تحدثك نفسك بأن تأخذ من هذا المال ما لم أتح لك منه..
قلت:
لا تهتم..
فلي نفس ممتلئة بالزهد والعفاف..
وهي لن تتحرك لأي إغراء.
قال:
احذر..
فالأمر أخطر مما تتصور..
قلت:
الأمر بسيط..
ولست أدري لم تعقده.
قال:
لأنه معقد..
أنت لا تعلم عاقبة نجاحك أو فشلك.
: لقد ذكرت لي أن عاقبة فشلي هي الزنزانة..
قال:
لا تستهن بها..
فإن العذاب الذي فيها لا يمكن لأحد تخيله.
قلت:
وما الجزاء إن نجحت؟
قال:
ستعطى الجائزة الكبرى.
قلت:
وما الجائزة الكبرى؟
قال:
ستكون مفاجأة..
كل ما يمكن أن تعرفه عنها..
هو أن هذا القصر الذي تراه بالجنة التي تحيط به سيصبح ملكك.
قلت مندهشا: ملكي!؟
قال:
ليس وحده..
هناك قصور كثيرة معه..
وفيها من كل شيء.
قلت:
وأنت..
هل يمكنني أن أتصل بك وأجلس إليك..
إن هذا شيء مهم بالنسبة لي لا تغنيني عنه جميع قصور الدنيا؟
قال:
لك ذلك..
ولكن بشرط واحد أن تؤدي هذه الأمانة الثقيلة إلى المحل الذي طلبت منك.
قلت:
لا تهتم..
سأسير الآن.
قال:
سر..
واعلم أن لي في كل خطوة تتحركها من العيون من ينقلها لي..
قلت:
لن ترى مني إلا ما يسرك.
بعد أن قلت هذا سرت.. وبصحبة ذلك المال العظيم الممتلئ بكل أصناف الجمال.. كنت في الطريق أنظر إليه كل حين..
وكنت إذا ما إرتحت في أي محل أنشغل بالنظر إليه عن الأكل والشرب..
بعد أيام من السير صرت مدمنا على النظر إليه، والتمتع بذلك..
وقد وصل بي الأمر بعد أيام قلائل إلى أن توقفت عن السير..
بل وصل بي الأمر إلى أن وضعت المال في محل رفيع، ورحت أجثو بين يديه كما يجثو الوثني أمام أصنامه.
أذكر أني في تلك الرؤيا كنت أسمع التحذيرات الشديدة من الانشغال بالمال عن الوظيفة التي كلفت بها..
لكني لم ألتفت لأي ناصح أو محذر..
وذات يوم..
حصل ما حول من حلمي كابوسا..
لقد مددت يدي لآخذ من ذلك المال..
فلم يعد يكفيني أن أنظر إليه.. وليت ذلك فقط كان، بل حدثتني حينها نفسي أن أستأثر به لنفسي..
وقال لي شيطاني:
إنك لو ملكت هذا المال، فستكون كصاحب ذلك القصر.. سيكون لك من الأمر ما هو له..
مددت يدي..
وليتني ما مددتها..
لقد تحول ذلك المال الذي كنت ممتلئا إعجابا به إلى حية كبيرة أحاطت بذراعي، ولم ينقذني منها إلا صراخي، واستيقاظي بعده..
***
ملأتني تلك الرؤيا بالمخافة..
وطلبت توضيح الانسانيه
سؤال :
هل رأيت الإنسان؟
قلت:
كيف لا أرى الإنسان..
أنا لا أرى إلا الإنسان..
ألست أنت وأنا وكل أولئك الذين يعمرون الارض أناس؟
قال:
لا.. ليسوا كلهم أناس..
الإنسان هو الذي بقي إنسانا.. أما من لم يبق إنسانا، فلا يصح أن نطلق عليه هذا اللقب العظيم.
قال:
خبثه وانحرافه يحذف منه كرامة اسمه
قلت:
أجل.. كما تحذف من الخائن كل ألقاب الأمانة التي لقب بها.
قال:
فهكذا الإنسان..
قلت:
ما تقصد؟
قال:
لقد خلق الله الإنسان مخلوقا طيبا بريئا ممتلئا بالطاقات العظيمة التي تؤهله للخلافة التي هي وظيفته الكبرى..
ولكن الكثير من الخلائق راحوا يمحون اسم الإنسان ليضعوا بدله اسم الشيطان.
قلت: لم أفهم.
قال مثال:
أرأيت لو أن صاحب مطعم أراد أن يجعل بعض عماله نادلا لما رأى فيه من الخلال المناسبة لذلك..
لكنه فوجئ بأن يدي النادل تقطعان.. أو تشلان.. فهل يمكن أن يستمر صاحب المطعم على هذه النية؟
قلت:
غبي إن هو استمر على هذه النية.. فلا يمكن للقطيع أو المشلول أن يحمل الطعام إلى فمه.. فكيف يحمله إلى أفواه غيره؟
قال:
فهكذا الإنسان.. لقد وهب الله الإنسان من القوى ما يستطيع أن يؤدي به الوظائف الخطيرة التي وكلت إليه.. لكنه إن راح يقطعها ويصيبها بالشلل، فلن يطيق تحمل شيء.
قلت:
فهلا ضربت لي مثالا على ذلك.
قال:
ألا ترى هؤلاء الخلائق الذين راحوا يتلاعبون بالكنوز التي جعلها الله أمانة في أعناقهم؟
أصابني رعب الكابوس، فقلت له: لقد ذكرتني بما جئت من أجله.. لقد رأيتني أخون الكنز..
لقد مددت يدي إليه.. لكن الحية طوقت يدي.. وكادت تقضي علي لولا أن تداركتني اليقظة.
قال:
وهكذا البشر جميعا لن ينقذهم من الحيات إلا اليقظة.
قلت: ولكنهم مستيقظون؟
قال: لا.. بل هم نائمون..
كل من غفل عن حقيقته نائم.. كل من انشغل عن وظيفته نائم..
كل من مد يده للكنوز التي اؤتمن عليها غير مدرك عواقبها نائم..
قلت: فمن يوقظهم؟
قال: لقد أيقظهم الله بالرسل..
قلت: ولكن الرسل ماتوا.
قال: لقد تركوا من الورثة ما يخلفهم في هذه الوظيفة.
قلت: فهل يسمع الناس للورثة؟
قال: فهل سمعت أنت؟
قلت: في الحلم لم أسمع.
قال: ليس الشأن بالحلم.. الشأن باليقظة..
أنت لا تحاسب على ما تفعله في الأحلام، بل تحاسب على ما تفعله في اليقظة.
قلت: فهل يمكنني أن أسمع الورثة الذين لم أسمعهم في الرؤيا؟
قال: ذلك يرجع إليك..
أنت الذي تقرر..
ولا يمكن لأحد في الدنيا أن يقرر بدلا عنك
قلت: لقد أرحتني بقولك هذا.. سأتدارك بتوفيق الله ما فاتني في الحلم أن أتداركه.
قال: إنك إن صدقت..
فلن تطوقك الحية.
قلت: لقد غفلنا بالحديث عن الرؤى عن الحديث عن قصتك التي أخبرتني أنك ستحدثني عنها، وطلبت مني كتابتها.
قال: قصتي مرتبطة بما كنا نتحدث عنه.. لقد تعرفت من خلالها على الإنسان..
الإنسان الذي كان لغزا..
ولم يستطع أحد في الدنيا أن يجرؤ على حله لولا الأشعة التي أنالنا الله إياها من شمس محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
قلت: ما أشد شوقي لأن أسمع أشعة ترتبط بهذا.. فلا يعرف ربه من لا يعرف نفسه.
***
الخاتمه
قلت: عجبا.. لكأنك تذكر رؤياي.. لقد كان هذا ما رأيته في رؤياي.
قال: لقد ذكرت لك أنك رأيت الإنسان.. فلا يمكن أن يعرف الإنسان من لم يعرف الطين والتراب والحمأ المسنون.. ولكن هناك فرقا كبيرا بين رؤيتي ورؤيتك.. فأنت رأيت الإنسان في الحلم، أما أنا فقد أرانيه الله في اليقظة.
قلت: ما أراد أخوك بإرسالك إلى هذه البقعة الخالية؟
قال: أراد أن يعاقبني بفعله هذا.. فقد أوحى إليه بعضهم بأنني لن أكف عما أنا فيه إلا بتلك العزلة التي تعيد لعقلي اتزانه.
قلت: فكيف خرجت من هذه البقعة؟
.. وكيف استطعت أن تقوم برحلتك هذه فيها، وقد ذكرت لي أنه ليس فيها إلا التراب؟
قال: لقد قدر الله أن تكون رحلتي هذه في تلك البقعة الخالية التي ليس فيها إلا التراب.
قلت: لقد ملأتني بالعجب.. كيف ذلك؟.. وليس في الخلاء إلا الهباء.
قال: ببصرنا الضعيف نرى الهباء..ولكنا ببصر الحقيقة نرى ما لا يمكن تصوره.
قلت: لقد زدتني عجبا.. فحدثني كيف كان ذلك؟
قال: عندما انصرفت الرغبه انصرفت إلى أذكاري وأورادي.. وقد شعرت بأنس عظيم وأنا في تلك الحال، وفي تلك البقعة..
وفجأة.. وبينما أنا كذلك إذا بي أرى صاحبك (معلم السلام) كالشمس في ضحاها، وكالزهور في جمالها، وكالبراءة في ابتسامتها.. ما رأيته حتى صحت بأعلى صوتي أريد أن أسمعه: يا من يمتلئ بالحكمة والنور.. تعال أخبرك أخبارا سارة.. لقد يسر الله لي الطريق إليه.. لقد عرفت محمدا صلى الله عليه وآله وسلم.. وعرفت أنه هو الشمس التي دلتني عليها جميع الحقائق.
رأيت البشر على وجهه.. لكنه أشاح بوجهه عني، وهو يقول: ليس الشأن أن تعرف الملوك، ولكن الشأن أن ترفع الحجب عنك، فتدخل عليهم.. وليس الشأن أن تدخل عليهم، ولكن الشأن أن تستقر عندهم.. وليس الشأن أن تستقر عندهم، ولكن الشأن أن تصلح لمنادمتهم.. وليس الشأن أن تنادمهم، ولكن الشأن أن تنصهر فيهم، فلا تميز عنهم، ولا يميزون عنك.
قلت: كيف لا أميز عنهم، ولا يميزون عني.. وأنا لي كياني الذي لا يمكن أن يندمج في أي كيان.. ولي دولتي التي لا تستعمرها أي دولة؟
قال: ذلك عالم التراب..
أما عالم الأرواح الذي يمثل حقيقتك، فمختلف تماما.
قلت: فحدثني عنه.. لقد بعث الله في من الأشواق إلى معرفة ذاتي ما بعثه قبل ذلك لمعرفته.
قال: أنت تعلم دوري.. أنا دليل.. والدليل يدلك على طرق الحقيقة.. ثم يدعك تسير إليها.
قلت: لقد تعودت منك أن تدلني على أبواب الحقيقة.. فما أبواب الـ (أنا)؟
قال: ثمانية.. عددها كأعداد أبواب الجنة الثمانية.
قلت: فما هي؟.. وكيف أهتدي إليها؟
قال: افتح عينيك.. وسيقيض الله لك من يدلك عليها.
قلت: أنا لا أرى في هذه البقعة إلا الهباء.. فكيف تطلب مني أن أفتح عيني، وأنت تراهما منفتحتين؟
قال: افتح عيني بصيرتك.. وسترى ما لا يراه بصرك.
قلت: بصيرتي ترى عالم الحقائق، لا عالم الأجساد.
قال: قد يجعل الله للحقائق أجسادا تعرف بها وتميز.
قلت: إنها حينذاك تتلوت بلوث الأجسام..
قال: من خلق الطهارة في عالم الحقائق، فلن يعجز عن خلق الطهارة في عالم الأجساد.
قلت: هل تقصد أني سأرى ببصيرتي أجسادا تتحرك؟
قال: لو فتحت بصيرتك، فسترى الحقائق تتحرك.. فلله من المعلمين ما له من الجنود.. ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ..(31)﴾ (المدثر)
قلت: لا أزال لا أرى إلا الهباء.. فما أفعل حتى تنفتح بصيرتي؟
قال: إذا حجبك بصرك عن بصيرتك.. فأغلق بصرك لتعيش عوالم بصيرتك.
لست أدري كيف بدا أن أغلق بصري..
وقد امتلأت عجبا.. فما إن أغلقته حتى رأيت رياحا عجيبة تهب من اللامكان تمتلئ بروائح مقدسة لا يمكن للواصف أن يصفها..
ثم تنجلي الغمامة عن مدينة عجيبة ممتلئة بكل الألوان.. بل – فوق ذلك – رأيتني أتحرك فيها بكل نشاط، وكأن شبابي قد عاد إلي، بل كأني ولدت في تلك اللحظة.
***
مابعد النهايه
في تلك البلاد العجيبة التقيت كثيرا من أهل الله في مواطن مختلفة.. وقد تعلمت منهم جميعا أركان (الأنا) وأوصافها وأخلاقها وصعودها وهبوطها.
قلت: فهل ستحدثني بما أفادوك؟
قال: من كلامهم ما تسمح العبارة بنقله.. ومنه ما لا تطيقه عقول الناس..
ولا ينبغي للعاقل أن يتكلم بما لا تطيقه عقول الناس.
قلت: فهو معارض للشريعة إذن؟
قال: لا.. ما كان لأهل الله أن يعارضوا الشريعة، وهم لا يستقون إلا من حياضها الطاهرة.
قلت: عهدي بالشريعة اليسر والوضوح.
قال: هي كذلك.. ولكن فيها من الحقائق ما لا تطيق الناس فهمه.
قلت: لم أستوعب سر ذلك.
قال: هل ترى الناس تفهم الحقائق التي تنطوي عليها نظرية النسبية؟
قلت: هي نظرية تحتاج عقلا رياضيا..
قال: ومن حقائق الإيمان ما يحتاج عقلا عرفانيا.
قلت: فهل ستسر لي منها ما أستفيد منه لخاصة نفسي؟
قال: لن ينفعك ذلك.. فهذه الحقائق لا تنال بالألسن.
قلت: فبم تنال إذن؟
قال: بالسلوك.. وبالتدريب.. عندما تتطهر في البحار المقدسة.. وعندما يصفو قلبك..
حينها سيتنزل عليك من حقائق العرفان ما تعرف به حقيقة حقائق الإنسان.
قلت: فهلم حدثني بما أطيق، وبما يطيق الناس .
قال: سأحدثك عن أسرار الإنسان الثمانية التي فتحها الله علي في هذه الرحلة.. وحسبك بها.
العرفان