مجزرة ” خوجالى ” والجرح العميق
مجزرة ” خوجالى ” والجرح العميق
كتب : ( وائل عباس _ داليا فوزي )
مجزرة ” خوجالى ” والجرح العميق
أنها أحدى الجرائم التى ارتكبت في تاريخ الإنسانية كلها ؛ وأحد فصول الأبادة الجماعية التى سيظل يذكرها التاريخ الحديث ؛ والتى ما زالت احداثها محفورة في ذاكرة الشهود الذين عاصروها ؛ تلك المجزرة التي وقعت ضد شعب مسالم لم يرتكب جرما فى حق أحد ؛ ولا ذنب له غير أن أنسانيته وأخلاقه ومبادىء دينه فصلوه عن واقع وحوش الغابات ؛ فأصبح غير محترزا لضوارى البشر ومعدومى الضمير .
وفى إحدى ليالى الشتاء الباردة وتحديدا في الخامس والعشرين من فبراير ١٩٩٢ يتعرض سكان بلدة ” خوجالى ” المسلمة أحدى قرى أقليم ” ناقور كارباخ ” الأذربيجاني لقصف مدفعي عنيف من جانب أحد فرق الجيش الأرمنى ؛ مما أصاب أهل تلك القرية بالهلع والخوف ؛ ولم يسعفهم الوقت ولا العوامل الجغرافية المحيطة بالبلدة ولا حتى الطقس الشتوى السىء فى النجاة والهروب بأطفالهم وأنفسهم من نزير الحرب هذا ؛ وما هى إلا ساعات معدودة إلا وتحركت أحدى العصابات الإجرامية والوحوش البشرية المحسوبة على الجيش الأرمينى المدعومة بقوات مشاة الفوج ٣٦٦ السوڤيتى والذى كان يتألف من أغلبية أرمينية بغزو القرية ؛ وبقلوب يملؤها الحقد الدفين والبربرية الحمقاء أرتكبت تلك المجزرة ؛ جريمة إرهابية بأمتياز قتل فيها ٦١٣ مدنيا بينهم ١٠٦ امرأة و ٦٣ طفلا و ٧٠ عجوزا والبقية الباقية من الشباب والرجال ؛ إضافة لجرح شخص وأسر ١٢٧٥ من أهل القرية العزل الأبرياء من أبناء خوجالى .
قام خلالها تتار العصر الحديث بقطع رؤوس الأبرياء وسلخ جلودهم واستمتعوا ببقر بطون العجائز والنساء والأطفال ؛ أشعلوا الحرائق في البيوت ودور العبادة ليغيروا ملامح التاريخ ؛ حاولوا طمس تاريخ المدينة المسلمة ومحو ثقافتها الدينية فحولوا مساجدها إلى حظائر للخنازير ومواخير للفجور ؛ وكعادة المجرمين حاولوا طمس معالم جريمتهم الشنعاء ولکن عين الله الحارسة تأبى إلا أن يظهر الله نوره ولو كره المشركون ؛ وبشهادة الرئيس الأرمينى الأسبق ” سيرچ سركسيان ” والتى تمت تلك المجزرة بأدارته وأشرافه :
حيث صرح فى حديثا سابق له ” أن الاذريون قبل خوجالى كانوا يظنون أن بوسعهم المزاح معنا ؛ وكانوا يعتقدون أن الأرمن شعب لا يمكنه رفع أيديه ضد السكان المدنيين ؛ ولكنا قمنا بتحطيم تلك الصورة النمطية .
كما أعترف ” سسليان ” وهو أحد قادة الأرمن والمشاركين في تلك المجزرة فى إحدى المناسبات التى حضرها الرئيس الأرمينى ” روبرت كوتشاريان ” بتلك الأعمال الإجرامية على سبيل التباهى والتفاخر البطولى .
حولت تلك المجزرة ” خوجالى ” إلى مقبرة ضمت جثث مشوهة للأبرياء من السكان العزل ؛ كما ضمت جثث تم إشعال الحرائق فيها عمدا ومع سبق الإصرار ؛ واما من بقى على قيد الحياة فقد تعرض للتعذيب والتنكيل والتشويه الأنتقامى ما بين قطع الأذن وفقأ الأعين وسلخ فروة الرأس ؛ مجزرة انتقامية ضد شعب أعزل خرجت عن كل تقاليد الحروب والمواثيق الدولية التى أقرتها الأعراف والمنظمات فى حق الأسرى والقتلى والجرحى .
وما هى إلا أيام معدودة وتحل الذكرى الحادية والثلاثين لتلك المذبحة ؛ تأتى تلك الذكرى بعد أن حلت عدالة السماء وأستطاع الشعب الأذارى على تحرير أراضيه والأنتصار على أعداء الإنسانية وهزيمة الفاشية البربرية الأرمينية فى الحرب الوطنية العظمى والتى اندلعت في سبتمبر ٢٠٢٠ ؛ والتى استمرت ٤٤ يوما حقق فيها الجيش الأذرى انتصارا ساحقا على القوات الأرمينية ؛ واستعاد فيها الأرض والكرامة ؛ وحقق الثأر لشهداء بنى وطنه ؛ ورغم الجرح الغائر والحق المسلوب تعاملت القوات الأذرية بمنتهى الشرف والقواعد الإنسانية فلم تبادل الجريمة بالجريمة ؛ فلم تقتل مدنيا ولم تمثل بجثث ولم تنكل بأسرى ؛ بل وأمهلت من تبقى من القوات المنهزمة لأيام واسابيع لنقل أمتعتهم ومغادرة الأراضي المحررة ؛ فضربت بذلك مثل رائعا لشهامة الفرسان وأخلاق الإسلام .
أستطاع الشعب الأذارى بقيادة الرئيس ” إلهام علييف ” أن يستعيد للدولة كرامتها وأراضيها ؛ ويسترجع حقوق شعبه ويثأر لشهداء بنى وطنه ؛ ويعيد إعمار المدينة التى تعرضت لتلك المجزرة البشعة ؛ لتبقى ” خوجالى ” شاهدة على صمود شعبها ؛ مسطرة بأحرف من نور ذكرى صمود شعب تعرض لأبشع المجازر في التاريخ الحديث .