محاورة العمالقة… حين يتسامى العقل إلى عليائه
عماد نويجى
إنّ للحديث مع الكبار سحرا لا يدركه إلا من خبر بواطن الفكر وذاق لذة العلوّ محاورة العمالقة ليست ترفًا ذهنيا ولا متعة عابرة بل طقوس معرفة رفيع يتجاوز حدود الكلام ليبلغ مقام الإلهام
العظماء لا يلقون كلمات… إنما ينسجون جوهر الحكمة من صلب التجربة
ولا يفتحون أفواههم… بل يفتحون ابواب إلى الأكوان الداخلية
وحين تجلس إليهم، تتبدّى لك الحقيقة عارياً من زيفها مشرقاً بجلالها كأنك لأول مرة ترى العالم على صورته الأصيلة
إنّ محاورةَ العمالقة تشحذُ الهمم وتوقظ الملكات لأنها توقظ فيك ما تجاهلته الأيام ، أنك وُلدت بقدرةٍ على الارتقاء
وأن النفسَ إذا خالطتْ نفوسًا عالية سمتْ وإذا صحبت الدُّون هبطتْ
العظماء لا يُمسكون بيدك… بل يرفعونك إلى مرتبةٍ أعلى
لا يمْلون عليك الطريق… بل يضيئون لك ما غاب عن البصيرة
يختصرون لك من الأعمار ما يضيع فى التيه ويهبونك من النور ما يُبدّد عتمة الروح فما أكثر من يخاطب سمعك
وما أندر من يخاطب جوهرَك
إنها ليست مجرّد محاورة
بل هى لحظة ميلاد جديدة للفكر وارتقاءُ روحٍ واصطفاءٌ لمقامٍ لم يكن ليُفتح لولا مصافحةُ العظماء “قل لي من تُصادق أقلْ لك من أنت”
فالإنسان يُعرَف من خلال أصدقائه لأن الصداقة لا تجمع المتناقضين بل تجمع المتشابهين في القيم والأخلاق والاهتمامات وطريقة التفكير
فما دمت تختار أصدقاءك من مستوى معين فهذا يعكس ما بداخلك أنت أيضًا صديقك مرآتك اختياراتك تكشف وعيك وشخصيتك
من يمشي مع الصالح يصبح مثلهم ومن يرافق الفراعين يفرغ معهم
الصداقة شهادة غير منطوقة على من تكون.
محاورة العمالقة… حين يتسامى العقل إلى عليائه 

