اخبار مصر

محمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرة**

محمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرة

كتب الإعلامي سمير الشرنوبي 

من أسابيع قليلة، رحل عنا الكاتب الصحفي الكبير محمد أبو الغيط بعد رحلة في الدنيا قصيرة في الزمن لكن هائلة في الإنجازات.

محمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرة

– وزي ما كان في حياته، أبو الغيط مسابناش حتى في رحيله من غير ما يترك لنا قبس من نور قلبه، وهو كتابه “أنا قادم أيها الضوء”، هنحاول نقدم قراءة لكتاب واحد من أهم صحفيين جيله.

محمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرة

– “أنا قادم أيها الضوء” كتاب عن تجربة الاقتراب من الموت، إحدى التجارب الإنسانية اللي شغلت دايما الأدباء والفنانين، وكتير صوروها كأنهم ماشيين في نفق مظلم ناحية ضوء في آخره، بيستعيدوا خلالها ذكرياتهم وأحلامهم.

 

– أبو الغيط شاف الضوء ده خارج من كل إنسان مضيء، بيحب الخير وبيقدمه بدون دافع سوى هذا الحب، وبحسه الإنساني المساواتي اللي عاش طول عمره يدافع عنه، بيأكد إنه الضوء ده بيطلع من الجوهر الإنساني أو الضمير اللي ممكن نلاقيه في أي إنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه، ويذكر هنا حديث النبي عن إن خيار الناس في الجاهلية هم خيارهم في الإسلام علشان يأكد على إن الأصل هو الجوهر الإنساني المضيء ده.

 

– لكن أبو الغيط وهو بيحكيلنا عن ضوء الاقتراب من الموت والضوء اللي شافه طالع من قلب زوجته والناس اللي حواليه في عامه الأخير بعد أن تأكد من أن مرضه عصي على العلاج المعروف، وهو بيحكيلنا بيلاقي نفسه زي ما بيقول بيحكي سيرته وبيحكي معاها عن الأحداث اللي بتحصل حواليه، فبيتحول الكتاب لسيرة جيل كامل وحقبة مهمة من تاريخنا عاشها أبو الغيط وحسها وفهمها ويهمنا نشوفها معاه.

محمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرة

 

 

لماذا أكتب؟

 

– أبو الغيط سأل نفسه السؤال اللي بيسأله لنفسه كل كاتب: أنا بكتب ليه؟ واللي بيسأله برده كل قارئ: أنا بقرأ ليه؟ واللي كتب كتب ليه؟ وهل المفروض أكتب أنا كمان؟

 

– بيبدأ الإجابة من كهف كوسكور في مارسيليا، اللي تم اكتشاف نقوش بشرية فيه تعود لـ ٢٧ ألف سنة.

 

– الإنسان اللي ساب النقش ده على الكهف كان بيتحدى الموت بإنه يسيب أثر له في الدنيا حتى بعد رحيله، بيحلم بالخلود من خلال الكتابة، صحيح زي ما بيقول أبو الغيط إن الأثر ده هيظل صغير في الكون الفسيح، لكن يمكن يكون ألمع.

 

– الكتابة محاولة للتمسك بالحياة، مش فزعا، لكن حفاظا على شرف الإنسان، لم ينهزم بسرعة أمام وحش المرض مهما كان هائل، الشرف هنا بيوصفه أبو الغيط بإنه المكون الغيبي الأخلاقي في الروح الإنسانية مش شرف النسب المخترع ولا الشرف المربوط بالتحكم في أجساد الفتيات. الكتابة دفاع عن الشرف.

 

– العلم بيقول إن الكتابة علاج، الكتابة بتهون المصاب، أبو الغيط كان بيكتب لأن الكتابة ببساطة بتديله شعور أفضل.

 

– المرض والموت كان دايما تجربة بيتقاطع فيها العام والخاص، ماري لاسكر الأمريكية حولت وفاة زوجها بالسرطان لقضية عامة عن المرض ومكافحته ودور شركات الدخان ومقاومتها، أبو الغيط برده عاش تجربة الصراع مع شركات التأمين والحكومة البريطانية وفهم تعقيدات التأمين الصحي علشان يوفر لنفسه العلاج. الكتابة ضرورية علشان نصلح حياتنا، وعلشان نصلح المجتمع كله.

 

– أخيرا أبو الغيط بيقول إنه بيشعر إن الكتابة إفراز طبيعي منه ملوش تفسير زي النحلة ما بتطلع العسل. الكتابة قبس من ضوء أبو الغيط الداخلي.

محمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرة

 

 

السعادة إرادة

 

– أبو الغيط بيقول إنه عاش حياته مؤمن بإن السعادة إرادة، بمعنى إن آه منقدرش نتحكم في الأحداث السيئة اللي بتحصلنا، لكن نقدر نتحكم في أنفسنا ونشوف الإيجابيات ونستحمل وندور على السعادة وسط الحزن.

 

– أحد أوجه إرادة السعادة هي التفاؤل العقلاني، دايما فيه أسوأ ينفع نقول الحمد لله إنه محصلش، دايما فيه فرصة للأمل والنجاة مهما كانت متواضعة، زي ما بيحكي أبو الغيط نقلا عن دكتور حسام عبد الله، لما بنقرأ إن نسبة الناجين من السرطان الفلاني ٨٪ مش معناها إنك هتعيش بنسبة ٨٪، لأن مفيش حاجة اسمها كده، يا هتعيش يا مش هتعيش، وبالتالي دايما الاحتمال والفرصة أكبر من النسب المئوية.

 

– الموت بيخوف جدا، لكنه دايما موجود، احتمال قائم، أسبابه كتير جدا، بالتالي برده أبو الغيط بيعلمنا هو وأصدقاؤه اللي بيحكي عنهم في مذكراته إنك لو فكرت في ضحايا حوادث السيارات من الشباب، هتعرف إن فرص الموت بدون السرطان مش أقل من نسب الموت بيه.

 

– وسط الألم أبو الغيط بيحكي عن الحب اللي تلقاه من الناس في ألمه، وبيقولنا اللي كلنا عارفينه، يمكن أحيانا نفرح بالمصيبة لو هنكتشف ونستقبل كل الحب ده من اللي حوالينا لما تحصل لنا.

 

– أبو الغيط مبيفقدش عقلانيته في عز الألم، بيكلمنا عن النظام الصحي البريطاني، فيه تأخيرات كتير زي النظام المصري، بس فيه عقلانية حتى في التأخير، لما كانت حالته خطر، تم التعامل معاها بالسرعة اللازمة، تم تقديم العلاج والرعاية على أكمل وجه لدرجة إن أبو الغيط قدر يقول وسط الألم إنه محظوظ إنه مرض في بريطانيا. نتمنى منضطرش حتى في مرضنا نفكر بإننا محظوظين إننا مرضنا بره بلدنا بعد كده.

محمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرةمحمد أبو الغيط العملية في معنى حياة قصيرة**

 

 

نسيان من أجل الحياة

 

– أبو الغيط قرر قرار أساسي بعد ما قرأ كتاب “إمبراطور المآسي: سيرة السرطان” لدكتور سيدهارتا موكرجي، إنه مش هيسمح للسرطان بإنه يلتهم حياته.

 

– قرر أبو الغيط إنه ينسى، شجعه الصحفي البريطاني الشهير إيدن وايت اللي حكاله عن زوجته الصحفية المعروفة برده بريتا بيترز اللي عاشت خمس سنين مع السرطان في المرحلة النهائية بتمارس حياتها بقدر طبيعي قدر الإمكان.

 

– أول قاعدة للنسيان تجنب أي أسباب للتذكر، كفاية قراية عن السرطان، نقرأ شوية حاجات تانية.

 

– بيقارن أبو الغيط بين نوعين من النسيان، النسيان العام اللي بتحاول السلطة أحيانا إنها تفرضه على الناس تجاه تاريخها، بتزوير التاريخ ده، محاولة تزييفه، والنسيان الخاص، نسيان الإنسان لأحزانه ومصائبه اللي من غيره ميقدرش يعيش.

 

– كمان لازم ندور على أسباب السعادة، ومش عيب نلجأ لأسباب البهجة البسيطة، الأفلام والأغاني الخفيفة اللي بنحبها لكن أحيانا مش بنقول علشان شايفينها أقل من المستوى الفني اللي المفروض نحبه، مش عيب نكون بشر.

 

– مش عيب نكون بشر نضعف، مريض السرطان مش مقاتل بالضرورة والسرطان مش معركة، مريض السرطان مريض، والسرطان مرض ممكن ميديناش فرصة نقاومه. ده درس مهم بيعلمهولنا أبو الغيط علشان منخجلش من ضعفنا، وحتى من الاعتراف بضعفنا.

 

**

 

نعمة الحياة الطبيعية

 

– في نوفمبر ٢٠٢١، أجرى محمد جراحة استئصال المعدة كخطوة ضرورية في مسيرته العلاجية. المعدة عضو لا غنى عنه في جسم الإنسان، التخلي عنه معناها فقدان الحياة الطبيعية للأبد. محمد بيوصف إزاي بيتحول شرب المياه لمعاناة، وبيوصف تعامله مع المعضلة دي وبحثه عن الطريقة اللي يغير بها طعم المياه وخصائصها علشان متألموش، وإزاي أدق صفات المياه ممكن تلعب دور في تخفيف معاناته ومساعدته على الارتواء من العطش، أو تحول يومه لجحيم.

 

– وباستمرار، ورغم قسوة المعاناة، بيضرب محمد المثل في إنسانية رقيقة لكن متمسكة بالعقلانية والتحليل العلمي، ويوصف رحلته في البحث عن المياه المناسبة له، وعن التكيف مع أشكال التغذية الجديدة رغم معاناته من استمرار نقص الوزن، وتمسكه بالحياة حتى اللحظة الأخيرة رغم ضعف الأمل في الشفاء، وبالتالي رفضه الاتجاه للعلاج التلطيفي القائم على تحسين جودة الحياة مع الاستسلام للمرض.

 

– في معاناته دي، محمد بيعلمنا درس مهم، وهو تقدير قيمة حياة الإنسان الطبيعية، نعمة القدرة على الأكل والشرب والحياة اليومية البسيطة.

 

– محمد بيتذكر مثلا استمتاعه بحاجة تبدو مملة أو سخيفة جدا، وهي ترتيب القمامة. فيه في المكان اللي هو كان عايش فيه نظام دقيق للقمامة، فيه ٣ صناديق خارج كل منزل، صندوق أزرق للقمامة القابلة لإعادة التدوير، وصندوق أسود للقمامة غير القابلة للتدوير، وصندوق أخضر للقمامة العضوية زي بقايا الطعام.

 

– محمد كان بيستمتع بتوزيع القمامة والأكياس بين الصناديق الثلاثة وبيحس إنه بكده بيساهم ببساطة في قضية كبيرة زي قضية حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية. فبقايا الأكل مثلا بدل ما تترمي بتتحول لسماد للتربة.

 

– هنا محمد بذكاء شديد بيقول لنا شيء ضمنيا، قيمة وجود دولة مؤسسات كفأة في إن الناس يعيشوا حياة إنسانية كريمة، وقيمة إن الإنسان يحس إنه بيشارك ببساطة وفي حياته اليومية العادية في قضايا إنسانية كبيرة.

 

– لكن كمان محمد بيضرب لنا مثل بنشاط بسيط كان بيجد فيه سعادة والمرض ممكن يمنعه منه، وإزاي النشاط البسيط الممل ده ممكن يفتقده الإنسان حال مرضه، وهي دي نعمة الحياة الطبيعية الي مش بنفكر فيها.

 

**

 

دروس عن العائلة

 

– بيحكيلنا محمد عن باباه، الطبيب الجراح ابن الرجل الصوفي، بيعشق الشعر، وبيحب شغله، وبيحب يعمله لله بدون طموح مادي، وزي محمد ما هيكون بعدين مع ابنه يحيى، بيقدر الأب يتفهم المراحل اللي بيمر بها الابن في حياته واختلافه مع والده، فبيقدر اختلافهم السياسي، وبيقدر لما محمد بيتأثر بالتدين السلفي فترة فيطلب من والده عدم تشغيل شريط لياسين التهامي، وبتكون استجابة الأب وتفهمه سبب في عدم اندفاع محمد للعناد وتراجعه عن موقفه المتشدد لاحقا.

 

– بيحكيلنا برده عن أمه، الست إلهام، الي بتختار تتزوج أبوه رغم فقر حاله، بسبب تدينها الجميل الي بيخليها توافق على الراجل علشان دينه وأخلاقه بصرف النظر عن ظروفه، وبسبب عقلها الي بتوزن بيه الأمور وتشوف فيه إن الطبيب الذكي راجل له مستقبل يستحق تصبر معاه وتستحمل فقره، بدون حتى ما تشتكي أو تطلب مساعدة من أهلها.

 

– بيحكيلنا محمد عن تشجيعها لابنها على إنه يقول الحق، فتشجعه في اعتراضه على الغش في الامتحانات في المدرسة حتى لو سمح به مراقب، على احتجاجه على عنف مدرس تجاه زميل له في الفصل، ومصارحته للمدرسة إنه ظالم.

 

– بيحكيلنا عن جده اللي تعرض للسجن في زمن عبد الناصر، وعن التعذيب اللي تعرض له، بدون ما يندفع لأفكار متطرفة، وعن كراهية محمد لعبد الناصر بسبب اللي حصل لجده، وعن تراجعه برده بعدين لموقف متزن بفضل قراءاته لناس تعرضوا للتعذيب في وقت عبد الناصر زي عبد العظيم أنيس وصنع الله إبراهيم لكن قدروا يقيموا التجربة بموضوعية ويشوفوا الإيجابي فيها جنب السلبي.

 

– هنا محمد بيلاحظ درس سياسي مهم، إن جده كان بيلعن دايما شمس بدران وحمزة البسيوني، وإن شمس بدران ده نفسه اللي كان بيعذب الناس بحجة إنه بيحمي النظام كان هو نفسه من أول من حاولوا ينقلبوا على النظام بعد الهزيمة، ففي الحقيقة هو كان بيدافع عن مصالحه الشخصية مش عن أي ولاء عنده، وياريت اللي في السلطة يتعلموا ويبطلوا يستخدموا الشخصيات اللي زي دي في تعذيب خصومهم.

 

– محمد بيحكيلنا عن حبه لأخواته وحزنه من إنه مقدرش يستمتع بصحبتهم بسبب ظروف حياته وتنقله المستمر، وبيشوف إن رغم كل شيء، المرض كان سبب يمكن إنه يرجع يقرب منهم في أيامه الأخيرة.

 

**

 

دروس في الحب

 

– محمد في أيامه الأخيرة كان بيعاني بشدة من مضاعفات مرضه الخبيث، انسداد الأمعاء المتكرر والفظيع، القيء المستمر، العدوى العنيفة الي بتدمر محاولاته إنه يرجع لحياة شبه طبيعية مع أسرته.

 

– في كل ده بيلاقي إسراء، زوجته، جنبه، مش بمجرد التعبير عن الحب، لكن بقوتها وصرامتها في الوقوف جنب حبيبها بدون ما تضعف أو تنهار.

 

– بيفتكر إزاي حبها، بيعترف إن الحب بيتحس من أول نظرة، الأرواح بتتلاقى، وهو وإسراء حسوا بكده من أول مقابلة ومحاورة، لكن قرر محمد يستنى لأنه برده كان حابب الحب ده ميحصلش إلا بعد مرور وقت وتجربة يعرفوا بعض فيها أكتر. نفس الاتزان بين الرومانسي والعقلاني اللي بنشوفه في شخصية محمد دايما.

 

– بيحب لكن بيفكر ويحلل ويقرر بعقله، بيختار البنت اللي بيحبها وبيرتاح ويفرح لما تكون معاه ويبصلها، لكن بعد ما يحسبها بعقله، متفقين في آرائهم الاجتماعية والدينية، نشأوا في بيئات متشابهة، بنت قوية رغم رقتها.

 

– بيقارن حتى بين أنماط الاستمتاع بالحب، نزعة الاشتداد ونزعة الامتداد زي ما بيستعير محمد في وصف أنماط الحب من صادق جلال العظم، اشتداد الحب ورومانسيته ولذته المتناهية لكن العابرة واللحظية والمؤقتة، وامتداد الحب في سعادة هادية لكن مستمرة. وبيقرر يعيش مع زوجته النوع التاني من السعادة، وإن كانوا مخسروش الأول.

 

– لكن الحياة مش حب بس، كمان فيها احتياجات مادية ومصاعب، وهنا محمد قرر قدر إمكانياته الإنسانية والثقافية يحكمها بالعدل، اتفق محمد وإسراء إنهم شركاء منزل، بينهم عشم ومودة لكن لازم يكون فيه مساحة اختلاف وطريقة للتفاوض وتسوية الخلاف، ولازم ماديا تكون فيه مشاركة، مش بمعنى بالضرورة إنهم بيصرفوا زي بعض، بالعكس، ممكن المعنى إنه هو اللي بيصرف لكن مش لمجرد إنه الرجل أو الذكر في العلاقة، لكن لأن زوجته بتعمل عمل منزلي في رعاية ابنهم ورعاية محمد، ومحمد بيشتغل بره البيت، محدش بيتفضل على التاني.

 

– محمد كلم ابنه يحيى، اعترف بأنه شاف فيه نفسه كأنه بيتكون من جديد، زي أي أب، لكن مرة تانية علمنا درس: احترم اختلاف ابنه عنه، اللي نشأ في بيئة مختلفة، في لندن، بوعي مختلف، وهو ابن ٨ سنين مهتم بشراء المنتجات اللي فيها دعم لرواتب المزارعين، ودعم فرق تنظيف المحيطات. احترم ابنه حتى في حقه في إنه يعرف حقيقة مرض والده بالشكل المناسب لسنه، يمكن العزاء الوحيد ليحيى في رحيل محمد هو إنه هيفضل طول العمر يشعر بالفخر بأن أبوه كان محمد أبو الغيط وإن السنوات اللي قضاها معاه زرع فيه حاجات مش هينساها.

 

**

 

دروس من شخصية محمد

 

– في كل اللي بنقرأه من تجربة محمد بنشوف إزاي بيأتلف في شخصيته الرومانسي العاطفي جدا مع العقلاني الصارم البارد، وإزاي دايما حريص على الاتزان ده، وتحكيم عقله بموضوعية في قلبه ومشاعره.

 

– بنشوف برده على مدى تجربته مع المرض إيمان شديد بالعلم والأرقام والتجربة، مش ضد تدينه ولا حاجة، لكن إيمان بأن العلم له مجاله والدين له مجاله، ومفيش تعارض، ويمكن يكون الإيمان ده بالعلم ورفض الخرافة والأساطير هما أول طريق لنجاح أي فرد أو مجتمع في تجاوز مشكلاته وتحقيق إنجاز حقيقي في حياته.

 

– بنشوف على مدى التجربة قيمة الطبيب اللي بيجمع الكفاءة مع الأخلاق والقيم الإنسانية الرفيعة والراقية في إسعاد البشر اللي حواليه وحمايتهم وإنقاذهم من أصعب ما بيواجهوه في حياتهم، بنشوف النموذج ده كتير سواء في دكتور حسام عبد الله اللي تخصص في التلقيح الصناعي ومنح الحياة للأطفال والأسر، ودكتور جورج حنا، الجراح اللي بيتعامل مع الجراحة بواقعية بدون مبالغة، فبيقول إن الجراح بينافس نفسه في مضمار المريض لتحقيق أدنى وفيات، وإن العلم والطب للبشر جميعا مش تنافس قومي، ودكتور أبو الغيط والد محمد اللي بينقذ أهل الريف البسطاء بجراحاته من معاناة صحية وكمان اجتماعية، ودكتور محمود العطيفي اللي تبنى دكتور أبو الغيط وتشاركا طريق العمل الخيري.

 

– بنشوف على مدى تجربة محمد، شخص متشبث بالحياة إلى الرمق الأخير، بيقاوم المرض بمزيج من الاعتراف بالضعف الإنساني مع الإيمان في المقابل بقدرة الإنسان على التحدي والمواجهة واستخدام العقل والعلم والخيال ضد الواقع البائس.

 

– زي ما محمد علمنا كتير في حياته، فهو علمنا حتى بعد موته، وسابلنا كتاب من قبس تجربته ومعارفه، هو تحفة أدبية وإنسانية قادرة تعلمنا دروس كتير وتلهمنا بتجربة نادرة.

 

– وإحنا في أيام إقامة معرض الكتاب بالقاهرة، بنرشح لكم اقتناء كتاب “أنا قادم أيها الضوء” لمحمد أبو الغيط الصادر عن دار الشروق.

 

– ربنا يرحم الصحفي النابه والإنسان النبيل محمد أبو الغيط ويحسن إليه، وعزاء كل محبيه الخير والعمل الصالح اللي كان عنوان حياة محمد

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار