الدكروري يكتب عن فرص العمر الغالية
الدكروري يكتب عن فرص العمر الغالية
بقلم / محمــــد الدكــــروري
إن التابعين هم الجيل الذي جاء بعد جيل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يروا النبي صلى الله عليه وسلم بل أخذوا علومهم الدينية عن طريق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحملوا رسالة الإسلام عن الصحابة رضوان الله عليهم بكل أمانة وإخلاص، والتف حولهم الكثير من الناس، فعُرف لكل بلد تابعوها، وقد ساهم جيل التابعين في حفظ علوم الدين الإسلامي من علوم القرآن والحديث وسائر العلوم الشرعية، وحملوا هذه العلوم إلى الأرض كلها، فكانوا المؤسس الأوائل للحضارة الإسلامية بعد أن وضع الصحابة بذور هذه الحضارة، فنذكر من التابعين سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعروة بن الزبير، سعيد بن جبير وغيرهم الكثير.
وقد اختارهم الله تبارك وتعالى بعد الصحابة رضوان الله عليهم وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده، وأمره ونهيه، وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم، فهم خلف الأخيار، وعلماء الأمصار، إذا اجتمعوا على الكتاب والسنة، واقتفوا آثار الصحابة خير الأمة، وإن من النعم العظيمة التي يغفل عنها الغافلون هي نعمة الصحة والفراغ، فيجهلون قدرها، ولا يؤدون شكرها، وهي فرص الأوقات التي تخلو من المشاغل والمعوقات المانعة من العمل للدين والدنيا والآخرة كما في حديث النبى الكريم صلى الله عليه وسلم ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ” رواه البخاري، وإن كان العمر طويلا فازدد من الطاعة والقربة والإحسان، واستغله بطاعة الله الرحيم الرحمن، فهذا الإمام الشافعي رحمه الله عاش قرابة خمسين عاما.
ولم يزد عليها، ولكن اسمه على كل لسان، فقد ملأ علمه الأفاق، وترك أثرا لا يمحى، وكم من معمر عاش أكثر من مائة عام ولا يعرف بين الناس له ذكر، لأنه ليس له عمل صالح، فالكيس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، واعلم بأنه يطول عمرك وأنت حي، بكثرة العمل الصالح، ويطول عمرك وأنت ميت، بالصدقات الجارية والعلم النافع ودعاء الولد الصالح فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له” رواه مسلم، واعلم أنه جاء جبريل عليه السلام إلى النبي الكريم صلى الله عليه و سلم فقال “يا محمد عش ما شئت فإنك ميت و احبب من أحببت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ”
فما أحوج الإنسان إلى التأمل والتفكر في ملكوت السموات والأرض، وما بث الله عز وجل فيها من آيات ربوبيته ووحدانيته وبديع صنعه، وهو الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا، وإن من عجائب الخلق وبديع صنعه هذا الزمن الذي تنطق به حركات الكون كله في دوران الأجرام السماوية في أفلاكها، وفي تعاقب الليل والنهار، وتتابع الفصول، بل حتى في دقات قلب الإنسان كعداد ينطق بقيمة الوقت، ويحصي لحظات عمره بطريقة العد العكسي، وإن المسلم العاقل العامل يغتنم فرصة، ويتحرك بجد وحزم وعزم لملء أوقات عمره بالطاعات، والقربات، وفعل الخيرات، ويسارع إلى مغفرة من ربة وجنات النعيم، كما هو مأمور في كتاب الله، وسنة رسوله، وهذا تحضيض من النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل حلول الموانع، والمعوقات، والفتن فقال صلى الله عليه وسلم ” بادروا بالأعمال سبعا، هل تنظرون إلا إلي فقر منس، أو غني مطغ، أو مرض مفسد، أو هرم مفند، أو موت مجهز، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهي وأمر” رواه الترمذي.