مصر أرض السلام منذ فجر التاريخ
كتب الأديب. أحمد أمين عثمان
منذ أن بزغ نور الحضارة على ضفاف النيل كانت مصر منارة للعالمين ومهد الانسانية في رحلتها نحو النور والاستقرار..
في هذه الأرض الطيبة تفتحت عيون البشر على معنى السلام ومعنى التعايش ومعنى أن تكون الأرض بيتا للناس جميعا لا ساحة للصراع ولا سيفا العداء.
النيل الذي شق طريقه في قلب البلاد لم يكن نهرا من ماء فحسب بل كان نبضا للحياة ورمزا للعطاء..
أدرك المصري القديم منذ فجر التاريخ أن بقاءه مرهون بإحترام هذا النهر العظيم فبنوا السدود وحفروا القنوات ونظموا الزراعة وفق دورات الفيضان والجفاف..
لم يكن النيل في نظرهم مجرد مورد طبيعي بل كان صلة بينهم وبين السماء تجري فيه بركة الخالق وعظمته.
ومن عمق هذه العلاقة مع الأرض والماء نشأ لدى المصريين حس بالمسؤولية تجاه الكون. فقد قدسوا العمل ورأوا في الزراعة عبادة وفي البناء رسالة وفي حفظ النظام الكوني واجبا مقدسا..
كانت المرأة شريكة الرجل في هذه المسيرة فهي الأم التي تربي والعقل الذي يدبر والقلب الذي يمنح الحنان. نالت المرأة المصرية مكانة فريدة في تاريخ البشرية فجلست على العرش وقادت الشعوب وحملت لواء العلم والفن والحكمة.
ولأنهم آمنوا أن وراء هذا الكون إلها واحدا خالقا عظيما فقد توجهوا إليه بالعبادة والخشوع وإن أختلفت الرموز وتعددت الأسماء. كانت فكرة التوحيد في أعماق وجدانهم نغمة صافية ترددها قلوبهم قبل ألسنتهم.
ولم يقف حب المصريين للسلام عند حدود الدعاء بل ترجموه إلى فعل مكتوب خالد في صفحات التاريخ..
فهم أول من كتب معاهدة سلام بين الشعوب حين أبرم رمسيس الثاني معاهدة مع الحيثيين لترسيخ فكرة التعايش وإنهاء الحروب..
كانت تلك الوثيقة أقدم إعلان إنساني عن حق البشر في الأمان والحوار بدلا من الصراع والدماء.
وهكذا ظلت مصر أرض السلام منذ فجر التاريخ وستبقى ما بقيت الشمس تشرق على ضفاف النيل..
هي الأرض التي علمت العالم أن القوة ليست في السيف بل في الحكمة وأن الخلود ليس في الحجر بل في الفكرة التي تصون الحياة وتكرم الإنسان.
مصر أرض السلام منذ فجر التاريخ


