مصر بين المؤامرات والتحولات الكبرى: قلبٌ صامد وسط عاصفة الإقليم
بقلم: الجيوفيزيقي محمد عربي
نصار
يشهد العالم من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط عواصف سياسية وعسكرية واقتصادية متشابكة، تحاول إعادة رسم خرائط النفوذ الدولية. وبينما تشتعل الساحات من سفيرسك الأوكرانية إلى شواطئ المتوسط والخليج، تبقى مصر في قلب هذه الدوامة، مستهدفة بمؤامرات ودسائس لا هدف لها إلا النيل من وحدتها وتماسكها، غير أن صلابة شعبها وبسالة جيشها ووعي قيادتها يثبت يومًا بعد يوم أنها قادرة على الصمود، بل والقيادة.
حرب أوكرانيا… بداية الشرارة
في شرق أوروبا، وجد خمسة آلاف جندي أوكراني أنفسهم محاصرين في سفيرسك، في مشهد اعتُبر أكبر أزمة روسية–أمريكية منذ قمة ألاسكا. هذه الحرب لم تعد مجرد نزاع حدودي، بل تحولت إلى نقطة غليان تهدد بتوسيع رقعة الصراع، ما يعكس طبيعة عالمٍ يعيش على وقع انفجارات متلاحقة.
تركيا وإسرائيل… مواجهة الحصار
على خط آخر، أغلقت تركيا أجواءها أمام الطائرات الإسرائيلية، وفرضت حصارًا بحريًا خانقًا وصفته تل أبيب بالخطير. الرئيس أردوغان لم يكتفِ بذلك، بل دفع أذربيجان لإنهاء تعاونها مع إسرائيل، في خطوة تكشف ملامح محور إقليمي جديد يحدّ من حركة تل أبيب ويضعها أمام مأزق استراتيجي. إسرائيل اضطرت للاعتراف بخطورة الموقف، ما يوضح حجم الخسارة التي تلقتها.
الخليج العربي… عواصف تحت السطح
لم يسلم الخليج من رياح الأزمات. قطر تعرّضت لتهديدات وصلت حد الحديث عن مخطط لاغتيال أميرها، وسط اتهامات للموساد بالتورط. في المقابل، أُثير جدل حول تجريد الإمارات من منظومات دفاعية ونقلها إلى إسرائيل، ما يعكس حجم التلاعب بموازين القوى في المنطقة. أما الكويت، فقد وُضعت أمام شروط أمريكية قاسية لشراء مقاتلات F-18، في صفقة وُصفت بأنها إذعان أكثر منها تعاون.
الجزائر… الثروة في مرمى الاستهداف
الجزائر بدورها تواجه ضغطًا مضاعفًا؛ فهناك محاولات للتأثير على الداخل السياسي بدفع البلاد نحو انتخابات مبكرة لتغيير الرئيس تبون، في وقت تتعرض فيه ثروة البلاد المعدنية في غار جبيلات لهجمات سياسية واقتصادية يقودها الحلف الأمريكي–الإسرائيلي. الهدف واضح: تعطيل طموح الجزائر في بناء استقلال اقتصادي عبر مشروع الحديد الاستراتيجي.
مصر… حصن الأمة في مواجهة الرياح
وسط هذه العواصف، تتعرض مصر لضغوط دولية ومحاولات للنيل من سيادتها، خصوصًا في ملف التسليح والتعاون العسكري مع الصين. الخلافات التي ظهرت بين القيادة السياسية وبعض دوائر المؤسسة العسكرية بشأن اتفاق الطائرات J-20 ليست سوى انعكاس لمحاولات الخارج فرض إملاءاته على القرار الوطني. لكن مصر، التي خبرت عبر تاريخها كيف تواجه الضغوط، تقف اليوم أكثر وعيًا، مؤمنة بأن قرارها السيادي خط أحمر.
ومهما كثرت المؤامرات والدسائس والفتن، فإنها لن تنجح في تفكيك هذا الشعب المتماسك خلف قيادته وجيشه الباسل.
إسرائيل… مأزق داخلي وانكشاف خارجي
في المقابل، تواجه إسرائيل أزمات متصاعدة: ضابط بارز قُتل في كمين أثناء مطاردة الأسرى، الهجرة العكسية تتفاقم حيث لم يُبدِ سوى 20% من المهاجرين استعدادًا للعودة من الولايات المتحدة، فيما تستوعب أمريكا نحو 350 ألف إسرائيلي آخذ عددهم في التزايد. تل أبيب تجد نفسها محاصرة خارجيًا وممزقة داخليًا، في مشهد يشي بأزمة وجودية غير مسبوقة.
كلمة الفصل: مصر قلب العاصفة
تتداخل الأحداث لتكشف أن ما حول مصر من مؤامرات ليس إلا محاولات يائسة للنيل من وحدتها وترابطها. غير أن مصر، بتاريخها الممتد وجيشها الذي يحمل راية البطولة وشعبها الواعي، تبقى الصخرة التي تتحطم عليها كل المؤامرات. حفظ الله مصر وشعبها العظيم وقيادتها الحكيمة وأبطالها البواسل.
إنها لمحة من المستقبل الذي يتشكل أمام أعيننا… عالمٌ جديد يولد من رحم الأزمات، ومصر فيه كما كانت دائمًا: القلب النابض، والدرع الحامي، والركيزة الصلبة التي لا تهتز.