مصر في مواجهة الابتزاز: تصريحات الاستاذ ضياء رشوان تفضح مأزق نتنياهو
بقلم الجيوفيزيقي محمد عربي نصار
لم تكن تصريحات الاستاذ ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، مجرد رد على تهديد إسرائيلي عابر، بل بدت بمثابة رسالة سياسية قوية تكشف حدود القوة الحقيقية بين القاهرة وتل أبيب. ففي الوقت الذي لوّح فيه بنيامين نتنياهو بإلغاء اتفاقية الغاز مع مصر، جاء الرد المصري صارمًا: الخسارة ستطال إسرائيل أولًا، بينما مصر تمتلك البدائل ولا تقبل الابتزاز.
الغاز بين الاقتصاد والسيادة
منذ توقيع اتفاقيات الغاز بين مصر وإسرائيل، ظل الملف حساسًا ومرتبطًا بتقلبات السياسة. نتنياهو حاول توظيف الاتفاق كورقة ضغط وسط تعقيدات حرب غزة وانقسام الداخل الإسرائيلي، لكن رشوان أغلق الباب بوضوح: مصر ليست طرفًا ضعيفًا في معادلة الطاقة، بل قوة إقليمية تمتلك خيارات استراتيجية متعددة.
هذا الموقف لم يكن اقتصاديًا بحتًا، بل سياسيًا بامتياز؛ إذ أرسلت القاهرة رسالة مفادها أن أمنها القومي وسيادتها ليست موضوعًا قابلًا للمساومة.
غزة.. والتهجير كخط أحمر
الحرب على غزة فرضت واقعًا إنسانيًا قاسيًا، ومعه طُرحت مقترحات دولية مثيرة للجدل، من بينها سيناريوهات “إعمار مقابل الترحيل”. هنا جاء الموقف المصري واضحًا وحاسمًا: التهجير القسري للفلسطينيين مرفوض تمامًا، وسيواجه مقاومة سياسية وأخلاقية وقانونية.
السيد ضياء رشوان، بصفته المسؤول الإعلامي الأول للدولة، أعاد التأكيد على أن القضية الفلسطينية لا تختزل في مشاريع اقتصادية أو صفقات سياسية، بل هي قضية هوية ووجود.
التحالفات الإقليمية: شبكة ردع عربية–تركية
لم يكن هذا الموقف المصري معزولًا؛ فقد دعمته شبكة متنامية من التحالفات الإقليمية.
زيارات متبادلة بين القاهرة وأنقرة أعادت العلاقات المصرية–التركية إلى مسارها الطبيعي.
لقاءات متكررة مع الرياض وأبوظبي عززت جبهة الرفض لأي تهجير، وفتحت بابًا لخطة عربية بديلة لإعمار غزة داخل حدودها بتمويل قد يصل إلى عشرات المليارات.
زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى مدينة العلمين في أغسطس 2025 جاءت كدليل على توطيد التنسيق العربي في لحظة مفصلية.
هذه التحركات لم تكن مجرد دبلوماسية تقليدية، بل تأسيسًا لاصطفاف إقليمي يوازن الضغوط الإسرائيلية والأطراف الدولية.
نتنياهو في مأزق داخلي
على الضفة الأخرى، يعيش نتنياهو أسوأ أزماته الداخلية.
قضية تجنيد الحريديم فجّرت خلافًا تاريخيًا وأدت إلى انسحاب الأحزاب الدينية من الائتلاف.
الكنيست شهد محاولات متكررة لحله، فيما ارتفعت أصوات الاحتجاج في الشارع.
جنود الاحتياط، المُنهكون من حرب غزة، أعلن بعضهم رفضه الاستمرار في الخدمة، ما عمّق أزمة الشرعية للحكومة.
أمام هذا الواقع، بدا تهديد الغاز لمصر مناورة يائسة لتصدير الأزمة الداخلية، أكثر منه قرارًا استراتيجيًا.
مصر.. حجر الزاوية في المعادلة
من خلال تصريحات السيد ضياء رشوان وتحركات القيادة السياسية، أكدت القاهرة أنها المفتاح الأساسي لأي معادلة تخص غزة والمنطقة. فهي ترفض التهجير، تدير أوراق الطاقة بثبات، وتنسج شبكة تحالفات تعزز موقعها كقوة إقليمية وركيزة للاستقرار.
الخاتمة
في زمن تتشابك فيه ملفات الحرب والاقتصاد والسياسة، جاءت تصريحات السيد ضياء رشوان لتلخص الموقف المصري:
لا تنازل عن السيادة.
لا ابتزاز عبر الغاز.
لا تهجير للفلسطينيين.
مصر في مواجهة الابتزاز: تصريحات الاستاذ ضياء رشوان تفضح مأزق نتنياهو
وبينما تتصدع حكومة نتنياهو من الداخل، تثبت مصر أنها الطرف الأكثر ثباتًا، وأن صوتها، عبر منصب رشوان ومسؤولياته، هو العنوان الحقيقي للردع السياسي في المنطقة.