الرئيسيةاخبارمصر وحروب الجيل السادس: حين يكون “التريند” بديلاً للدبابة.
اخبار

مصر وحروب الجيل السادس: حين يكون “التريند” بديلاً للدبابة.

مصر وحروب الجيل السادس: حين يكون "التريند" بديلاً للدبابة.

مصر وحروب الجيل السادس: حين يكون “التريند” بديلاً للدبابة.

كتبت داليا فوزى 

مصر، عبر تاريخها، واجهت جيوشاً وأساطيل، لكن المعركة المعاصرة انتقلت من “الميدان” إلى “الشاشة”، ومن “السلاح” إلى “الإسفاف”.

مصر ومعركة الوعي: حين يكون “التريند” سلاحاً للهدم. 

على مر العصور، كانت مصر مطمعاً لكل القوى الكبرى؛ فمن هجمات الهكسوس قديماً وصولاً إلى الحملات الاستعمارية الحديثة، ظلت هذه الأرض صامدة بفضل جيشها وتماسك شعبها. ومع فشل المواجهات العسكرية المباشرة في كسر شوكة الدولة المصرية، استحدثت القوى المعادية، ومن يسير في ركبهم، نوعاً جديداً من الحروب: حرب “الإسفاف” وتجريف الأخلاق.

هنا السؤال لماذا الأخلاق؟

المبدأ بسيط ومرعب في آن واحد: “إذا أردت أن تهدم أمة، فابدأ بهدم الأسرة والقدوة”. حين يعجز العدو عن دخول الحدود بالدبابات، يحاول الدخول إلى البيوت عبر الهواتف الذكية. السلاح هنا ليس رصاصة، بل هو “فيديو” تافه، أو “تريند” يدعو للانحلال، أو شخصية مجهولة تُصدر للمجتمع على أنها بطلة او بطل أو نموذج للنجاح السريع بلا جهد أو قيمة.

ما نشهده اليوم ليس مجرد صدفة، بل هو استغلال لآليات “الخوارزميات” لنشر القبح:

 * تصوير القاع كأنه القمة حين يتصدر المشهد من يفتقرون للموهبة والأخلاق، يشعر الجيل الناشئ أن القيمة في “التهريج والاسفاف و التريند ” لا في “العلم”.

 * تفتت الهوية و إنشغل الشعب بصراعات تافهة وقصص وهمية يومياً يستنزف الطاقة النفسية، ويجعل الفرد بعيداً عن قضايا وطنه الحقيقية بعد عن دينه.

 و الدخول فى الحرب النفسية وهو بنشر الإحباط والتقليل من شأن كل إنجاز، وتضخيم كل سلبية لزرع روح الهزيمة داخل المواطن.

المواطنة الرقمية هي خط الدفاع الأول

إن الحرب بالأخلاق هي أصعب أنواع الحروب لأنها “ناعمة” ولا تثير الانتباه فوراً. 

 مصر هي مصدر “القوة الناعمة” للوطن العربي؛ بفنها، وأدبها، وعلمائها. لكن ما يحدث الآن هو محاولة لقلب هذه الآية، وتحويل القوة الناعمة إلى “سموم ناعمة”. الهدف ليس تسلية الناس، بل “تسطيح” عقولهم، بحيث يصبح الاهتمام منصباً على “فضيحة فلان” أو “رقصة فلانة”،” او فرح تافه لشخصيه اتفه و أشباه مصريين متواجدين للتهنئه. 

بدلاً من الانشغال بمستقبل الوطن أو تطوير الذات . اصبحنا ننشغل بالتريند اما أننا نعمل فيديوهات ظننا منكم انها توعية وبالمرة تاخد التريند معاه وترفع من مشاهدات صفحتك 

بل انتم المشجين و كل من يكتب عنكم ويذكر اسمائهم او يرفع فيديو لهم فهو مشارك معهم فى نفس الاسفاف. 

فهى خطة “الإسفاف المنظم”: كيف تدار المعركة؟

​هذه الحروب لا تعتمد على العشوائية كما يظن البعض، بل تسير وفق استراتيجيات مدروسة:

​صناعة “نجوم من الورق”: إبراز نماذج لا تملك محتوى حقيقي ودفعها للواجهة، ليصبحوا هم “قدوة” المراهقين.

​كسر الحياء و التعود على مشاهدة ما كان يُخجل منه بالأمس، حتى يصبح القبح مألوفاً والعيب “عادي”.

و ​إضعاف الانتماء عندما ينشغل الشباب بتريندات تافهة، ينفصلون تدريجياً عن واقع بلدهم وتاريخهم، ويصبح من السهل التلاعب بوعيهم وتشكيكهم في ثوابتهم.

المواجهة لا تحتاج لجيوش، بل تحتاج إلى “فرد واعي”. السلاح في يدكِ أنتِ وفي يد كل مستخدم للإنترنت:

​سلاح “التجاهل”: التريند يموت إذا لم يجد من يغذيه. القاعدة الذهبية هي: “الإماتة بالترك”. لا تشارك الفيديو حتى لو بقصد السخرية، لأن الخوارزميات لا تفهم السخرية، بل تفهم “التفاعل” وتزيد من انتشار القبح.

​ثورة المحتوى الهادف: على كل صاحب فكر أو علم أن يقتحم الميدان. لا تتركوا الساحة للفارغين؛ انشروا الجمال، العلم، والتاريخ المصري المشرف ليكون بديلاً جذاباً.

​الرقابة الذاتية لا المنع و لا يمكننا إغلاق الإنترنت، ولكن يمكننا بناء “درع حماية” داخل عقول أولادنا، بتعليمهم الفرق بين “المشهور” و”الناجح”، وبين “التريند الفاشل ” و”القيمة”.

كلمة أخيرة. 

إن مصر التي علمت العالم الحرف الأول، وصمدت أمام العالم كله ، قادرة على تجاوز هذه الموجة من العبث. نحن في معركة “بقاء الهوية”، والانتصار فيها يبدأ بضغطة زر: إما أن نرفع من شأن قيمنا، أو نساهم في نشر الإسفاف.

​تذكري دائماً: الحرب لم تعد على الحدود فقط، الحرب الآن داخل كل بيت، وسلاحنا فيها هو “الوعي”.

مصر وحروب الجيل السادس: حين يكون “التريند” بديلاً للدبابة.

مصر وحروب الجيل السادس: حين يكون "التريند" بديلاً للدبابة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *