معركة الإرادة وبناء النفس المطمئنة
بقلم /أيمن بحر
النفس تختبر بخمس ضغوط هى العجلة والخوف والكسل والطمع والكبر وكل ضغط منها باب للنمو إذا غلبه الإنسان وباب للسقوط إذا غلبه الضغط فالعجلة إن قهرها الإنسان تمنحه الحلم وإن خضع لها تمنحه التهور والخوف إن غلبه يصنع الشجاعة وإن استسلم له يصنع الذل والكسل إن قهره يولد الهمة والعمل وإن خضع له يصنع الركود والطمع إن غلبه الإنسان يمنحه القناعة وإن استسلم له يجلب له الجشع والكبر إن قهره الإنسان يمنحه التواضع وإن خضع له يجلب له الغرور وهذه الضغوط تتحرك في مسارين مسار عام يمر به كل البشر ومسار خاص يتشكل من ظروف كل إنسان وما يولد عليه من نعم أو حرمان وتنشأ منه ميول داخلية تميل نحو ضغط أكثر من غيره فيزداد أو يخف تبعاً لتقدير الله الدقيق
كل نفس تحمل هذه الضغوط بنسب مختلفة وتخوض معركة الإرادة فالإنسان إما أن تنهزم إرادته أو تنتصر والنمو يحدث حين ينتصر الإنسان داخل نفسه ويتغلب على الضغوط والطريق إلى قوة الإرادة يبدأ بالوعي والحضور حيث يعود الإنسان إلى اللحظة ويراقب أفكاره دون أن ينقاد لها ثم يأتي دور الإيمان الذي يثبت الإرادة ويحميها من العقائد السلبية التي ترسخت في العقل الباطن ومع التذكير المستمر تتشكل عقيدة حاضرة جديدة تقود النفس نحو الطمأنينة
قوة الإرادة هي سر اختلاف الناس في ردود أفعالهم وهي ما صنعت عظمة الصحابة قبل وبعد الإسلام فقد امتلكوا إرادة قوية قبل الإيمان فجاء الإسلام ليهذبها ويضاعف أثرها فصاروا أصحاب تأثير وفتح وتمكين لأن الإرادة إذا اجتمعت مع العقيدة الصحيحة تصنع إنساناً قادراً على التغيير في نفسه وفي العالم
العبودية لله تحتاج إرادة قوية لأنها عبودية تزكية لا عبودية ضعف وكلما نفذ الإنسان أمراً ربانيًا أو اجتنب معصية ازدادت إرادته قوة وهذا يقوده إلى المقام الأعلى مقام العبودية الحقيقية في الآخرة حيث تزول المقاومة بعد اكتمال التزكية
الخلافة ليست منصباً سياسياً بل مقام بلوغ الإرادة الناضجة التي توازن بين القوة والرحمة بين الطموح والسكينة وكل إنسان قادر أن يكون خليفة في أسرته ومجتمعه إذا غلب الضغوط الخمس في نفسه وإذا غابت الإرادة عن الأفراد انهار البناء كله وظهر جيل من النفوس المقهورة
معركة الإرادة وبناء النفس المطمئنة
هذا هو معترك الإرادة الذي به يرتقي الإنسان وبه يحقق غاية وجوده في الأرض وفي الآخرة


