مع فن البلاغة العربية
بقلم : السعيد عبدالعاطي مبارك الفايد – مصر ٠
فرسولنا العربي الكريم أُعطي جوامع الكلم ٠٠
و في المثل العربي يقال :
” أفصح من سحبان وائل ” ٠
في البداية الحديث عن علوم اللغة العربية ذو شجون و لِمَ لا فالبلاغة هي التي تزين الأسلوب التعبيري نطقا و كتابة مثل النحو الذي يضبط الكلام ٠٠
و عندما نتصفح البلاغة العربية قديما و حديثا نجد لها الصدارة ٠٠
و قد عرفنا البلاغة منذ نعومة أظفارنا من خلال مراحل التعليم و كان كتاب ( البلاغة الواضحة ) لعلي الجارم و مصطفى أمين ، هو النواة في معرفة هذا العلم ٠
ثم تتوالى المعارف في الجامعة ، و قد كتبت عدة دراسات بلاغية متعددة و تم نشرها ٠
نعم لقد برع العرب في فن الكلام و الشعر و الخطابة قبل الإسلام و من ثم كان الشعر علمهم الأول الذي يروي أخبارهم و قصصهم و حياتهم و كان الشاعر يخلد قبيلته بمثابة بوق الإعلام الذي بقصائده يمدحهم و يوصفهم و ينقل لنا تلك الأيام الخالدة بين الأمم ٠
و من ثم ظل فن ( الشعر و النثر ) مسيطر حتى جاء القرآن الكريم بعيدا عن جنس هذا الكلام و ظهر البياني القرآني و نمت و تفرعت علوم اللغة و علوم القرآن ٠٠
و اشتهر الكثير بفن البلاغة العربية من خلال الآثار التي نطالعها في الأدب و مراحل التعليم في ثقافة تتناول قضايا و جمال النص التعبير ٠
و لذا يقول العرب أبلغ من سحبان الذي اشتهر بالبلاغة و الفصاحة ٠
و نعود إلى الخطوط الرئيسية حول ( البلاغة ) :
لو نظرنا إلى الفعل ( بلغ ) نجد كل ما نتحدث عنه ٠٠
مرادفات بلاغة : طلاقة، سلاسة . أسلوب معبر، و فصح، و حسن بيانه.
و عكس البلاغة العجز و التلعثم و تعقيد الأسلوب.
و الفعل ( بلغ ) لازما و متعديا ٠
يبلغ بلاغة فهو بليغ بلاغة
والجمع : بُلغَاء ٠
* تعريف البلاغة :
و البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع شروط فصاحته ٠
بمعنى زيادة معنى اللفظ او مساوية مثل طرفي المقص اللفظ و المعنى تطابق
و البلاغة فن إيصال المعنى بأجمل صورة وأبلغها وأكثرها تأثيرًا، في مواصلة الكلام شفهيا و كتابة و لا سيما الأسلوب التعبيري بكل المقاييس و المعايير الإبداعية الفنية المنصوص عليها ٠
* أقسام البلاغة :
ينقسم علم البلاغة إلى ثلاثة فروع رئيسية:
(علم المعاني، وعلم البيان ، وعلم البديع).
ركز علم المعاني : على تركيب الكلام المناسب للمواقف المختلفة ٠
بينما يهتم علم البيان بتوضيح الأفكار والتشبيهات ٠
ويتناول علم البديع تحسين الكلام وجماله من خلال المحسنات اللفظية والمعنوية.
* و من علماء البلاغة الأوائل :
عبد القاهر الجرجاني (مؤسس علم البيان والبديع ومؤلف “دلائل الإعجاز” و”أسرار البلاغة”)،
والسكاكي (في “مفتاح العلوم”)، والخطيب القزويني (في “الإيضاح”)، وأبو هلال العسكري (في “الصناعتين”)، بالإضافة إلى ابن المعتز (واضع علم البديع) والزمخشري وابن الأثير و غيرهم كثيرون ٠
و الجواهري في عصرنا المعاصر أيضا ٠
مع فن البلاغة العربية
* و من أهم شروط الفصاحة و البلاغة التي درسناها في المراحل المختلفة على سبيل المثال : فصاحة الكلمةوتعني سلامتها من العيوب و تنافر الحروف و ثقل الكلمةفي النطق و الكتابة و تجاور الحروف يعيب النطق و الغرابة و تعني قلة استخدامها و مخالفة النحو و الصرف و الذوق العربي ٠
و الأسلوب الرديء و الضعيف في التحدث و الكتابة و خاصة عند المؤلف و المتحدث ٠
و التعقيد لللفظي برص و ترتيب الكلمات و العبارات غير المعبرة و البيانية ٠
و التعقيد المعنوي و أهمه إساءة استعمال الكلمة في التعبير التي تتجاوز الشكل و المضمون ٠
و الأساليب البلاغية بمثابة أدوات وتقنيات لغوية تُستخدم لجذب المتلقي و المتابع لإنتاج المبدع المتكلم و المرسل لفنون اللغة العربية ٠
لإقناع الجمهور
مما يجعله يقنعه و يرسل له كلاما بليغا مؤثرًا جميلًا تأنس به النفوس ٠
فرسولنا الكريم محمد قد أُعطي ” جوامع الكلم ” فقد تربى في ديار بني سعد حيث لغتنا الجميلة و اللسان العربي الفصيح القُح ٠
و أخيرا يُعد علماء العربية، نحوي ومتكلم، ومؤسس علم البلاغة من أهم الذين قدموا لنا علوم واسعة مازال أثرها خالد بيننا و منهم :
قس بن سعد بن عبادة و الحارث الأشتر ٠٠
و الإمام علي بن أبي طالب و سيبويه و الحسن البصري و الجرجاني و الجاحظ و المتنبي
و بشر بن المعتمر و ابن منظور صاحب لسان العرب و الإمام السيوطي ٠
و لا ننسى دور البليغ / سحبان وائل الباهلي (-54 هـ) صحابي، كان بليغًا يُضرب به المثل في الفصاحة، فيقال: أفصح من سحبان وائل.
و في عصرنا الحديث نجد عميد الأدب العربي و مصطفي صادق الرافعي و العقاد و غيرهم كثيرون ٠
و بعد هذه الرحلة البليغة مع فن البلاغة العربية و التي كانت بمثابة مدخل إليها لكل باحث و متذوق فاتحة للتعرف على مفاتيح البلاغة لصقل لسانه و يده بغية الارتقاء في التعبير و الأسلوب ٠٠
و قد توخيت في هذا المبحث أن اختصر البلاغة في شذرات من كل طرف عنوان رئيسي و على القارىء المتذوق أن يبحث بنفسه عن الفروع الأخرى في إطار الخط البياني لعلم البلاغة و أقسامها في دراسة تطبيقية عملية ٠
مع فن البلاغة العربية
