الدكروري يكتب عن الدعوة في دوائر ثلاث
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي خلق فسوى وقدر فهدى وأشهد أن لا إله إلا الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى لا تحصى نعمه عدا ولا نطيق لها شكرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والخليل المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن على النهج اقتفى وسلم تسليما كثيرا ثم ما بعد إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى قد أخذت حقها من التدرج والترتيب والأولويات في التشريع، فكان حقها أن تدور في دوائر ثلاث، لا بد من تحقيقها في هذه الأمة الإسلامية الحاملة لأمانة التبليغ، والموصوفة بوصف الشهادة، فالأولى هي حمل النفس على الهدى والعمل الصالح، وهذا ظاهر في كثير من النصوص الشرعية، وأما الثانية فهي دعوة ذوي القربى، والثالثة وهي دعوة الناس كافة، وهذا قد توافرت فيه نصوص كثيرة في الكتاب والسنة، وإن من أنواع شهداء الآخرة من مات بداء البطن.
لقوله صلى الله عليه وسلم “إن شهداء أمتي إذن لقليل” ثم ذكر أنواعا، “ومن مات في البطن فهو شهيد” وعن عبد الله بن يسار قال كنت جالسا وسليمان بن صرد وخالد بن عرفطة، فذكروا أن رجلا توفي مات ببطنه، فإذا هما يشتهيان أن يكونا شهداء جنازته، فقال أحدهما للآخر ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم”من يقتله بطنه فلن يعذب في قبره؟” فقال الآخر بلى، وفي رواية صدقت، وكذلك من أنواع شهداء الآخرة الموت بالغرق والهدم لقوله صلى الله عليه وسلم “الشهداء خمسة المطعون” الذي أصيب بالطاعون، والمبطون، الذي قتل بداء البطن، ومات بسبب مرض في بطنه، وأمراض البطن كثيرة، والغرق الذي مات غريقا، وصاحب الهدم، الذي انهدم عليه بيته، أو انهدم السكن الذي يسكن فيه، وقع عليه جدار أو حائط، فمات بسبب الهدم.
وكثير من الذين يموتون في الزلازل كذلك، وصاحب الهدم “والشهيد في سبيل الله” ومن أنواع شهداء الآخرة أيضا هو موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها، لحديث عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد عبد الله بن رواحة فما تحوز له عن فراشه أي تنحى، فقال صلى الله عليه وسلم “أتدري من شهداء أمتي؟ قال قتل المسلم شهادة، قال صلى الله عليه وسلم “إن شهداء أمتي إذن لقليل، قتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء، التي تموت وفي بطنها ولد، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة، يجرها ولدها بسرره إلى الجنة، والسرة ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة، هذا هو السرر، الحبل السري، يجرها به ولدها إلى الجنة، وهذا مخصوص بالمسلمة التي تموت في حمل صحيح، ولذلك استثنى العلماء من هذا الحديث.
من ماتت بحمل من زنا والعياذ بالله، وكذلك من شهداء الآخرة هو الموت بذات الجنب، كما قال صلى الله عليه وسلم “وصاحب ذات الجنب شهيد” وهو ورم يعرض في الغشاء المستبطن للأضلاع، أورام في الجانب يموت بسببها الإنسان، ونرجو إن شاء الله أن يكون كل مسلم مات بالسرطان أن يكون إذن من شهداء الآخرة الذين لهم أجر شهيد، وكذلك من أنواع شهداء الآخرة، هو الموت بداء السل، لقوله صلى الله عليه وسلم “القتل في سبيل الله شهادة، والنفساء شهادة” وقال صلى الله عليه وسلم “والسل شهادة” فإن قدر عبد على أن يجعل همّه مستغرقا بالله عز وجل فلا يقدر على أن يموت على تلك الحالة إلا في صف القتال، فإنه قطع الطمع عن مهجته وأهله وماله وولده، بل من الدنيا كلها فإنه يريدها لحياته وقد هون على قلبه حياته في حب الله عز وجل ونيل مرضاته، فلا تجرد لله أعظم من ذلك.