بتاريخ 23/1/2024
مقال ( النفس والهوى )
بقلم الكاتب المصري أحمد إبراهيم النجار
مما لا شك فيه أن النفس البشرية مختلفة فى أفعالها واحتياجاتها وأيضا فى جوهرها ومدى صفائها
أو مدى قبحها وكل نفس رهينه بما
…أقدمت عليه من أفعال قد تنتهي بالخير لصاحبها إلى مأواه بجنة الفردوس أو تنتهى إلى مثواه
وهى بُقع فى قعر جهنم تسمى المثوى .
تلك النهاية بعد السير على الصراط عندما تبدل الأرض غير الأرض ويبقى ثلاث صراط ونار وجنه والصراط أحد من السيف وأرفع
…من الشعرة حالك السواد بجميع جوانبه وتحت الصراط جهنم حالكة السواد
..وفى نهاية الصراط أبواب الجنة يدخلها من ينجح فى إختبار المرور بما يحمله الإنسان من حسنات تخفف عنه أعباء العبور الصعب
….ويمر كلمح البصر أما من ثقلت ذنوبه فيسقط فى أحضان الجحيم ويسقى من عين الحميم بنار تشوي البطون.
يوما يتبرئ إبليس نفسه من أعمالهم يستصرخون ولكن من سيكون بمصرخهم من النار؟
…ويقول إبليس ما أنا بمصرخكم
…..ولا أنتم بمصرخي أي لا أنا مُنقذ لكم من الجحيم ولا أنتم مُنقذين
فما هى النفس؟
هى الذات الإنسانية بما تحمله من رغبات ومشتهيات .
ومن هنا أطرح بعض الأسئلة التي تدور فى فكري وهى .
فهل النفس أخطر على الإنسان من وسوسةالشيطان؟
هل كان مع إبليس من يوسوس له عندما رفض أمر الله بالسجود لأدم؟
ما مدى قوة النفس وتأثيرها على الإنسان دون تدخل من الشيطان؟
متى تنشئ النفس داخل الجنس البشرى؟
ماهو الفرق بين النفس والروح؟
…عندما خلق الجسد من الطين والطين مسخر بتوحيد الله والروح ..سماوية طاهرة مسخرة أيضا بتوحيد الله وحده لا شريك له …
فيأتي المولود للحياة طاهر لم تمسسه أخطاء البالغين فهو داخليا فى صفاء ونقاء ويأتي على الفطرة السليمة دون تشوية أو أفكار
أو أساطير يرددها بعض المتفلسفين وليس لها فى الأصل دليل مقنع
أو إثبات يصدقه العقل ويؤمن به القلب .
….ولكن يتبعون ما وجدوا عليه أباءهم وأجدادهم وهى عبارة عن ٌموروثات عند البحث والتدبر والتفكر بالعقل يصل الإنسان
للطريق الصحيح وتلك هي الفطرة السليمة التى بعث الله بها الأنبياء والمرسلين بوحى سماوي واحد هو سيدنا جبريل عليه السلام برسالة وشرائع جميعها تدعوا إلى إله واحد لا شريك له …
دعوة موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام أجمعين هى دعوة واحدة من منبع واحد ومن إله واحد
….وهى التوحيد وعبادة إله واحد بوحي واحد بشرائع فى أصلها ثابت لا تتغير ولكن تدخلت تلك النفس لتبدل وتحرف بعض الكتب عن فطرتها السليمة بوحي النفس الكاذب وعلى هوى النفس لمطامع وشهوات دنيوية من أجل المال والسلطة وحياة الترف دون حساب أو خوف من الله …
…تلك النفس الخطيرة التى تؤدي فى النهاية إلى طريق الهاوية فماذا يقول الله عن النفس وهو من خلقها ويعلمها خالق الأنفاس والأرواح والأجساد .
… يقول الله تبارك وتعالى في سورة ( ق ) : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَاتُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ }
… نحن نؤمن بالله عز وجل ، ونذكره ونصلي ونصوم ونقرأ القرآن ، ونتصدق و نحج ونفعل كل ما هو من العبادات
… وبالرغم من ذلك فما زلنا نقع
فى المعاصي والذنوب ، لماذا ؟!
… السبب في ذلك هو أننا تركنا العدو الحقيقي وذهبنا إلى عدو ضعيف ، يقول الله تعالى في مُحكم كتابُه العزيز : { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا }
… إنما العدو الحقيقي هو ( النفس ) نعم ،،!! فالنفس هي القنبلة الموقوتة ، واللغم الموجود في داخل الإنسان يقول الله تبارك وتعالى في سورة ( الإسراء ) : { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا }
… وقوله تبارك وتعالى في سورة ( غافر ) : { الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }
… وقوله تبارك وتعالى في سورة ( المدثر ) : { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ }
… وقوله تبارك وتعالى في سورة ( النازعات ) : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ }
… وقوله تبارك وتعالى في سورة ( التكوير ) : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ }
… لاحظوا أن الآيات السابقة تدور كلها حول كلمة ( النفس ) ، فما هي هذه النفس؟!
هى التى تتخذ إله الهوى عبادة وعشق وغارقة فى حب الشهوات والملذات
بدون خوف أو رجوع والعودة إلى الله.
… يقول العلماء : أن الآلِهة التي كانت تعبد من دون الله ( اللات ، والعزى ، ومناة ، وسواع ، وود ، ويغوث ، ويعوق ، ونسرى )
… كل هذه الأصنام هدمت و مازال يعبد من دون الله أحجار وأشجار وحيوانات وكواكب ونيران وحتى من البشر يعبدون ،
يقول الله تبارك وتعالى : {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ } ، ومعنى ذلك أن هوى النفس إذا تمكن من الإنسان فإنه لا يصغى لشرع ولا لوازع ديني ، لذلك تجده يفعل ما يريد فلا ..توجد خطوط حمراء ويتحول إلى أفعال حيوانية غير عاقله يفعل ما يشاء دون الرجوع والتفكر بالعقل ولكن كل ما تحركه تلك الجوارح والشهوات فى البحث عن الهوى بكل ملذاته .
…ويوهمون الناس بوجد صك غفران والشراء بالمال ليغفر لهم كل ما فعلته أنفسهم من ذنوب أو وجود شعب الله المختار الذي يحبهم الله ويدخلهم الفردوس ويأمورهم بقتل وإبادة طفل أو شجر أو حيوان من أجل عيون الرب تسفك الدماء
….وبرغم ما ترتكبه أنفسهم من قتل وقصف وحرق الأخضر واليابس
……على أرض فلسطين المحتلة سولت ..لهم أنفسهم حب القتل والإبادة الجماعية هم ومن يدعمهم تلك الأنفس الأمارة بالسوء لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية ولا تعرف دين …فدينهم وإلههم هو الهوى.
… يقول الإمام البصري في بردته : وخالف النفس والشيطان واعصيهُما
… وتقول الحكمة البالغة : نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
… في جريمة ( قتل قابيل لأخيه هابيل ) يقول الله تبارك وتعالى : { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ }
… عندما تسأل إنساناً وقع في معصية ما ! ، وبعد ذلك ندم وتاب : ماالذي دعاك لفعل هذا سوف يقول لك : أغواني الشيطان ، وكلامه هذا يؤدي إلى أن كل فعل محرم وراءه شيطان
… معنى ذلك أن السبب في المعاصي والذنوب إما من الشيطان ، وإما من النفس الأمارة بالسوء ، فالشيطان خطر
… ولكن النفس أخطر بكثير
… لذا فإن مدخل الشيطان على الإنسان هو النسيان فهو ينسيك الثواب والعقاب ومع ذلك تقع في المحظور
… قال الله عز وجل في محكم كتابه الكريم : { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوء }
… تلك النفس الخطيرة التى تؤدي فى نهاية الطريق إلى الضياع فهناك الميت برغم الحياة التى ينعم بها بلا هدف وبلا قيمة يعيش وقلبه مظلم وبصيرته عمياء يذهب فى دروب الظلام ويجرى مرحا حتى تنتهي به الدروب إلى السقوط إلى الهاوية فلا مُصرخ له ولا شفيع يوم تأتي كل نفس بما كسبت رهينه بما فعلت وإتبعت إله الهوى.
أذكركم ونفسي بتقوى الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بقلم الكاتب المصري أحمد إبراهيم النجار