منة العبد تكتب عن اغتصاب بلا أعذار… ونداء لا يحتمل الصمت.
بقلم /منة العبد مديرة الديسك لجريدة موطني
الموافق /الجمعة ١٩ ديسمبر ٢٠٢٥
الاغتصاب ليس جريمة عابرة، ولا خطأ فرديًا يمكن احتواؤه بالاعتذار أو التبرير. هو اعتداء مباشر على إنسانية الإنسان، وكسرٌ قاسٍ لحدود الجسد والكرامة والأمان. وكل مرة يُقابَل فيها الاغتصاب بالصمت أو التهوين، يتحوّل المجتمع من شاهدٍ إلى شريك.
إن أخطر ما في الفعل وحده، بل ما يليه: التشكيك في الضحية، لومها، محاصرتها بالأسئلة، ومطالبتها بالصمت باسم “الستر” أو “الخوف من الفضيحة”. هنا لا تُغتال الضحية مرة واحدة، بل مراتٍ متكررة، ويُمنح الجاني مساحة للاستمرار.
الاغتصاب لا يرتبط بملابس، ولا بتوقيت، ولا بسلوك. لا علاقة له إلا بالسلطة والعنف وغياب الردع. وكل محاولة لربط الجريمة بالضحية هي محاولة غير مباشرة لتبرئة المجرم. المجتمع الذي يبرر، يهيئ بيئة خصبة لتكرار الجريمة.
نداء إلى المجتمع
نناشد المجتمع أن يعيد تعريف الشرف.
الشرف ليس في صمت الضحية، بل في حمايتها.
ليس في إخفاء الجريمة، بل في مواجهتها.
ليس في جلد الضحية، بل في محاسبة الجاني.
نناشد الأسر أن تكون ملاذًا آمنًا، لا محكمة تحقيق.
وأن يكون أول سؤال للضحية: هل أنتِ بخير؟
لا: لماذا خرجتِ؟ أو كيف حدث ذلك؟
الصمت لا يحمي أحدًا. الصمت يكرّس الخوف، ويمنح المجرم ثقة أنه سيفلت.
نداء إلى القانون
نناشد القانون أن يكون حاسمًا، عادلًا، وسريعًا.
أن تُغلَّظ العقوبات، وتُغلق أبواب الإفلات، ويُمنع أي تساهل تحت أي مسمى.
أن تُحمى الضحية قانونيًا ونفسيًا، وأن تُصان هويتها وكرامتها، وأن تُوفَّر لها الرعاية لا الشك.
القانون ليس نصوصًا جامدة، بل رسالة طمأنينة للمجتمع، وردعًا للجناة، وعدالة للضحايا. وكل تأخير في العدالة هو امتداد للأذى.
كلمة أخيرة
الاغتصاب ليس “قضية نساء” فقط، بل قضية مجتمع كامل.
مجتمع يُقاس تحضره بقدرته على حماية أضعف أفراده، لا بقدرته على إسكاتهم.
نريد قانونًا لا يلين.
ومجتمعًا لا يبرر.
وعدالة تقول بوضوح: الضحية بريئة… والجاني وحده المذنب.

