من الأتاري إلى هاتف جديد.. كيف تغير معنى الفرح؟
بقلم ـ مصطفى بكر
في الثمانينات والتسعينات، كان جهاز الأتاري أيقونة السعادة. شريط ألعاب محدود مثل “ماريو” و”كونترا”، لكنه كان كافيا ليجمع الأصدقاء والأشقاء حول شاشة صغيرة، يضحكون، يتشاجرون بحب على دور اللعب، ويصنعون ذكريات لا تنسى. لم يكن الفرح في حجم اللعبة أو إمكانياتها، بل في لحظة المشاركة نفسها.
اليوم، تغيرت المعادلة. لم تعد السعادة تصنع من لعبة بسيطة أو جلسة عائلية، بل ارتبطت باقتناء هاتف جديد، أو تحميل أحدث التطبيقات، أو نشر صورة تحصد الإعجابات على منصات التواصل. تحول الفرح من شعور جماعي إلى تجربة فردية، ومن لحظة تلقائية إلى سباق لا ينتهي مع المظاهر.
لماذا تبدل معنى الفرح؟
ايقاع الحياة السريع: لم نعد نمنح أنفسنا وقتا للاستمتاع بالتفاصيل.
ثقافة الاستهلاك: صارت قيمتنا مرتبطة بما نملك لا بما نشعر.
المقارنات المستمرة: السوشيال ميديا صنعت معيارا زائفا للسعادة.
الضغوط اليومية: جعلت الناس تبحث عن البهجة في ما هو استثنائي بدل تفاصيل الحياة الصغيرة.
بين الأمس واليوم
الأتاري لم يكن مجرد لعبة، بل رمزا لزمن أبسط. زمن كان فيه الفرح في اجتماع العائلة أو الجيران حول نشاط مشترك. أما الآن، ورغم وفرة الوسائل، تبدو السعادة أقل عمقا وأكثر هشاشة. نعيشها سريعا ثم نفقدها أسرع، وكأنها لم تترك بداخلنا أثرا حقيقيا.
“السعادة ليست في الهاتف الجديد، بل في القلوب التي نتشارك معها اللحظة”
كيف نستعيد الفرح؟
ربما لا نستطيع العودة بالزمن، لكن يمكننا أن نستعيد جوهره:
أن نتوقف قليلا وسط زحمة الحياة.
أن نعيد إحياء الطقوس الصغيرة: جلسة عائلية، زيارة صديق قديم، أو لعبة بسيطة تجمع أطفال الشارع.
أن نؤمن أن السعادة الحقيقية ليست في امتلاك المزيد، بل في مشاركة القليل بصدق.
الخلاصة
من الأتاري إلى الهاتف الجديد رحلة تختصر كيف تبدل معنى الفرح عبر السنين.
لكن الفرح لم يختف، هو فقط ينتظر أن نعيد اكتشافه في أبسط اللحظات.
من الأتاري إلى هاتف جديد.. كيف تغير معنى الفرح؟