موقف الشريعة الإسلامية من إيذاء الحيوان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وكفى والصلاة على النبي المصطفى ومن بآثاره اقتفى، وبعهد الله وفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وبعد ذكرت المصادر الكثير عن مجالات العناية بالحيوان، حيث يشكل مجال العناية بالحيوان مظهرا آخر من مظاهر عناية الفقه الإسلامي بالبيئة، وأما عن حقوق الحيوان فمنها هو عدم إيذائه دون سبب، حيث حرمت الشريعة الإسلامية إيذاء الحيوان، وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال مر ابن عمر رضي الله عنهما بنفر قد نصبوا دجاجة يترامونها، فلما رأوا ابن عمر، تفرقوا عنها، فقال ابن عمر من فعل هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من فعل هذا” ففيه النهي عن جعل الحيوان هدفا يرمى إليه، والنهي للتحريم، ووجه حكمة النهي أن فيه إيلاما للحيوان، وتضييعا لماليته، وتفويتا لذكاته، إن كان مما يذكى ولمنفعته إن كان غير مذكى.
وفي ذلك حماية للحيوان من العبث، والمثلة التي تلحق الضرر بالمخلوق، وكذلك من حرص الإسلام على عدم إيذاء الحيوان أنه منه من سبه ولعنه لأن في لعنه تجنيا وإعتداء عليه بلا وجه حق، ولذلك كان التشديد في أمر اللعن، علما بأن معنى اللعن هو الطرد من الخير ومن رحمة الله، وروى عمران بن الحصين فقال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فضجرت، فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ” خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة ” وقال عمران فكأني أراها الآن تمشي في الناس لا يعرض لها أحد” وقال الإمام النووي إنما قال هذا زاجرا لها ولغيرها، وكان قد سبق نهيها، ونهي غيرها، عن اللعن، فعوقبت بإرسال الناقة، وروى أبو داود حديثا عن زيد بن خالد في النهي عن سب الحيوانات قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تسبوا الديك، فإنه يوقظ للصلاة” وهذا يبين حرص الإسلام على عدم سب الحيوان ولعنه والتشديد في عدم إيذائه، أو الاعتداء عليه، وبلغ من حرص الإسلام على الحيوان أنه حكم بالدية على من فقأ عين دابة من الدواب، فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عين الدابة بربع القيمة، وقال في الهداية ولنا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى عين الدابة بربع القيمة، وهكذا قضى عمر رضي الله تعالى عنه لأن فيها مقاصد سوى اللحم، كالركوب والزينة والحمل والعمل، وكما ورد في كتاب الدار المختار، وضمن في فقء عين دجاجة أو شاة قصاب أو غيره ما نقصها، وفي عين بقرة جزار، وجزور وحمار وبغل وفرس ربع القيمة، وكما ذكرت المصادر الكثير عن مجال العناية بالنبات.
وقد حدثنا القرآن الكريم عن النبات، ولفت أنظارنا إليه، مثلما لفت أنظارنا إلى مظاهر كونية مختلفة، ومن المهم أن ندرك أولا أن في لفت القرآن أنظارنا إلى النبات حكمة بالغة، هي أن النبات خلق من خلق الله، تتجلى فيه آيات القدرة الإلهية كالحيوان والإنسان والأرض والسماوات وغيرها من مظاهر الإبداع الإلهي، وقد تكلم القرآن الكريم الكثير عن النبات ومفرداته من الشجر والزرع، والثمر والجنات والحدائق فماذا نجد في هذا الحديث؟ وإن كل الأحياء وأولها النبات تتألف من ذكر وأنثى، حتى النباتات التي كان يظن أن ليس لها من جنسها ذكور، ولكن تبيت أنها تحمل في ذاتها الزوج الآخر، فتضم الزهرة الواحدة أعضاء التذكير، وأعضاء التأنيث في مكان واحد، أو في أماكن متفرقة من عود النبات، أو في عودين منفصلين، وهذا ما عناه القرآن بكلمة زوج.
فالزوجية هي قاعدة الوجود كله حيث قال تعالى ” ومن كل شيء خلقا زوجين لعلكم تذكرون ” وقال جل شأنه ” ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين ” فلا توجد الثمرة إلا بعد عملية التقاء وتلقيح بين زوجي النبات، كما هو الشأن في الإنسان والحيوان، وإن الزوج من النبات تم وصفه مرة بالبهيج، ومرة أخرى بالكريم، في قوله تعالى ” وأنبتت من كل زوج بهيج ” وفي قوله تعالي ” فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ” فالنبات له وظيفة جمالية نفسية فهو يحدث البهجة والراحة والمتعة في النفوس، والنبات كريم أي مكرم مكرم بما فيه من حياة صادرة من الله الكريم، فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.

