المقالات

نشأة الإمام الفقية ابن ثابت 

جريده موطني

نشأة الإمام الفقية ابن ثابت

بقلم / محمـــد الدكـــرورينشأة الإمام الفقية ابن ثابت 

 

ذكرت المصادر التاريخية الكثير والكثير عن الإمام أبي حنيفة النعمان، فقد نشأ أبو حنيفة بالكوفة وتربى بها، وعاش أكثر حياته فيها، متعلما ومجادلا ومعلما، ولم تبين المصادر حياة أبيه وحاله وما كان يتولاه من الأعمال، ولكن قد يستنبط منها شيء من أحواله، فقد يستفاد منها أنه كان من أهل اليسار والغنى، وأنه كان من التجار، وأنه كان مسلما حسن الإسلام، ولقد روي أن علي بن أبي طالب دعا لثابت عندما رآه بالبركة فيه وفي ذريته، ويؤخذ من هذا أنه كان مسلما وقت هذه الدعوة، وقد صرحت كتب التاريخ بأن ثابتا ولد على الإسلام، وعلى ذلك يكون أبو حنيفة قد نشأ أول نشأته في بيت إسلامي خالص، وذلك ما يقرره العلماء جميعا إلا من لا يؤبه لشذوذهم ولا يلتفت لكلامهم.

 

وإن من يتصفح ما كتب عن صفات أبي حنيفة النعمان في هيئته وسلوكه وعلمه وذكائه ونشاطه وإخلاصه وورعه وكرمه وعزة نفسه وإبائه الضيم، وغير ذلك، ثم يقرأ ما سطره العلماء بعده عن صفات الداعية وثقافته التي تؤهله للقيام بمهمة الرسل وخلفائهم لا بد له أن يعترف بأن لهذا الإمام الريادة في الاتصاف بكل ما ذكروه، وبأكثر مما ذكروه، فالداعية إلى الإسلام هو العامل الأهم والعصب الحي في منظومة الدعوة، بل هو العمود الفقري في مجال التربية، هو الذي ينفخ فيها الروح، ويجري في عروقها الدماء، فكيف يقضي على الجهل وهو غير ضليع في العلم؟ وكيف يقاوم الهوى والفساد والضلال وهو لم يتسلح بالإيمان والأخلاق؟ فإن فاقد الشيء لا يعطيه.

 

كما هو مقرر في العقل والفطرة، ومن هنا كان على الداعية للإسلام أن يفقه الإسلام الذي يدعو إليه، وأن يعرفه معرفة يقينية عميقة من مصادره الأصلية وينابيعه الصافية حتى يكون على بينة مما يدعو إليه، وعلى بصيرة من منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدعوة إليه، ومع هذه المعرفة لا بد له من تشرب هذه المعرفة حتى تختلط بمشاعره وعواطفه، بحيث يتبنى الفكرة ويعيش لها وبها، فتصير له هدفا وغاية، يحمل همها، ويجهد نفسه في اكتشاف أفضل الوسائل لتبليغها، مع ضرورة أن يكون هو صورة عملية لما يدعو إليه فقد سُئلت السيدة عائشة رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت “كان خلقه القرآن” فمن ينوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

في تبليغ دعوته لا بد أن يكون قرآنا يمشي على الأرض، فالقدوة العملية أقوى تأثيرا من كثرة الكلام، كما أن الكلام لا بد أن يكون محكما يتسم بالإخلاص والصدق، وعن ذلك يقول الإمام أبو حنيفة “إن الكلام كثير، ومحكمه يسير، وإن الكلام لا ينتهي حتى ينتهى عنه، وإن خير الكلام ما أريد به وجه الله” وينصح أحد تلاميذه بقوله “لا تحدث بفقهك من لا يشتهيه، ومن ناقشك من العامة والسوقة، فلا تناقشه، فإنه يذهب ماء وجهك” أما عما ينبغي أن يتحلى به الداعية والمعلم من الصفات الظاهرة التي لها تأثير ضخم على المستمعين.نشأة الإمام الفقية ابن ثابت

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار