الدكروري يكتب عن نفع العباد وتنفيس الكرب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، والصلاة والسلام على من بعثه ربه هاديا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغمه، وجاهد في سبيل الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، فكان صلي الله عليه وسلم يصوم في السفر وقد التهب الجو، فيقول أبو الدرداء رضي الله عنه كنا في شدة الحر حتى والله الذي لا إله إلا هو، إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة حرارة الشمس، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن رواحة ”
ويجلس صلي الله عليه وسلم مع الصحابة، فيقول لابن مسعود “اقرأ علي القرآن؟” فيندفع يقرأ عليه حتى بلغ قوله تعالى من سورة النساء ” فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك علي هولاء شهيدا ” قال صلي الله عليه وسلم “حسبك” قال ابن مسعود “فنظرت فإذا عيناه تذرفان” رواه البخاري، فيبكي تواضعا صلي الله عليه وسلم لله تبارك وتعالى، وشفقة على هذه الأمة، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها “استفقت ليلة من الليالي، فبحثت عن الرسول عليه الصلاة والسلام فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد، وهما منصوبتان، وهو يقول اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك” رواه مسلم، فيا أيها المسلمون متى يقدم الإنسان للقبر ؟
ومتى يصلي ؟ ومتى يذكر الله تعالي؟ فإذا دفن الإنسان فلن يصلي عنه أحد، ولن يصوم عنه أحد، ولن يذكر عنه أحد، وإن الصدقة نفع للآخرين، وتنفيس لكربهم، وإدخال للسرور عليهم، وذلك يتطلب منا استحضارها مهما كانت قليلة ليعظم أجرها، ولربما سبق درهم مئة ألف درهم، وإن لم يفتح عليك في باب الصدقات، فكن سببا في بعض صدقات المتصدقين، فلربما تمت صدقات كثيرة كنت أنت سببها، وكتب لك مثل أجورهم، والإنفاق في سبيل الله تعالى من أعظم التحديات التي تواجه الإنسان، لحبه الشديد للمال، وحرصه عليه، فقال تعالى ” وتحبون المال حبا جما” ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنة المال بقوله ” إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتى المال” رواه الترمذى، وبعضهم أصبح عبدا للمال.
ويقول صلى الله عليه وسلم ” تعس عبد الدينار والدرهم” رواه البخارى، فهو بخل بما أعطاه الله تعالى ظانا أن ذلك خير له، فإن المال أمانة عند العباد، وهم مستخلفون فيه، وإن من أهم المعايير التي يقاس بها إيمان المرء هو الصدقة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” والصدقة برهان” رواه مسلم، وهى تجارة عظيمة مع الله تعالى، وجهاد في سبيل الله بالمال، وفيها نجاة للعباد من العذاب الأليم، ومن أراد تنمية ماله فلينفق منه في سبيل الله تعالى، وما أنفقه العبد في سبيل الله تعالى هو الذي يجده أمامه يوم القيامة، وما يبقيه في الأرصدة فهو مُلك للورثة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله” قالوا يا رسول الله، ما أحدنا إلا ماله أحب إليه، قال ” فإن ماله ما قدم ومال وارثه ما أخر” رواه البخارى.
وإن البعض يظن أنه هو المالك الحقيقى للمال، وهو ظن خاطئ لأن المال مال الله تعالى ساقه إليك من حيث لا تحتسب، وجعلك مستخلفا فيه، فقال تعالى فى سورة النور ” وآتوهم من مال الله الذى آتاكم” وبالصدقة يدفع اللهُ تعالى البلاء عن العبد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ” صنائع المعروف تقى مصارع السوء وصدقة السر تطفئ فضب الرب وصلة الرحم تزيد فى العمر” رواه الطبرانى، وقيل أيضا والصدقة تطفئ الخطيئة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” الصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار” رواه الترمذى.