شريط الاخبار

هكــذا ... جعلني المجتمع !

رواية

رواية هكــذا … جعلني المجتمع !

للكاتب عايد حبيب

هكــذا ... جعلني المجتمع !

جندي الجبلي

مقدمة يحكى أن إبراهيم الجبلاوى كان في أحد المناصب المرموقة وموضعه حساس ولمكانته الرفيعة بين الناس حيث يقوم بفعل الخير من جميع جوانبه , فكان لا يحبذ فعل الشر ولا يرغبه وفى أحد الأيام حدثت مشاجرة بين اثنين من زملاءه لسبب ما وفضل زميلاه أن يكون إبراهيم الجبلاوى الوسيط بينهما في حل المشكلة فأثناء جلوسهم في مكتب إبراهيم الجبلاوى روى الاثنان سبب الشجار فاستراح إبراهيم الجبلاوي لجمال الاشمونى ورمى اللوم على نشأت الفاوى فشعر بالاهانة مندفعا بأعلى صوته في وجه إبراهيم الجبلاوى والشر يتطاير من عينيه قائلا ما بك ؟ ولماذا تكلمني هكذا ؟ فإنني سأهذب للمدير العام , فذهب إلى المدير وقص عليه ما قد حدث بينه وبين جمال الفاوى فاستدعى المدير العام إبراهيم الجبلاوى ليوبخه على ما حدث وقال لإبراهيم أنت ليس مصلحا اجتماعيا وسأحيلك للتحقيق ـ فخرج إبراهيم متعصبا وفكره يدور حول أحوال الناس الذين يملأهم الغش والمكر والعداء والخداع وذهب إلى منزله فجلس على كرسيه منعزلا يخيم عليه الحزن يضع رأسه بين راحتيه فدخلت عليه زوجته فوجدته حزينا ـ فسألته .. ما بك … ما بك ؟ وهى مندهشة وقص عليها ما حدث من متاعب العالم من حوله فقالت له زوجته افعل كما يفعل الناس من حولك فرد بصوت عال لا .. ثم لا ، و ذهب إبراهيم الجبلاوى فى الصباح إلى عمله ولا يدرى بما يخبئه الزمن المرير علي أيدي الحاقدين ويفاجأ بقرار فصله عن العمل .. فأصبح لا عمل له يتسكع على المقاهي وكلما يجلس مع أحد لا يعجبه حاله وحال الناس من حوله فيلوم جليسه واحدا تلو الأخر وهكذا .. حتى أصبح منبوذا بين الناس ولذلك أصبح ذو هم وشجن ومشاعره تتدفق فامسك بقلمه ليسكب أحزانه على أوراقه ويفضفض عن نفسه فكتب عباراته المعبرة في أبيات بسيطة يقول أنا في الدنيا مـــــوالى صعيب الهضم يا خالي وجروحي من البشرية بقيت عزوتي ومالي ولو هاودت كل الناس ما كان ده بقى حالي كنت للعدالة أميـــــــن والظلم ما على بالى كان عندي الشرف ثمين مليان يكب على الخالي جرحوني نزفت حنين والحزن شتت افكارى وأصبحت على قهاوى سنين ملاقى أوكل عيالي فبعد أن انتهى من العبارات المعبرة التي فاض بها قلمه والتي كان يخزنها بداخله بما لاقاه من احتكاكه بالناس من حوله فلاحظته زوجته وأقبلت إليه لتهون عليه حاله تقول كن مؤمنا بالله ولا تجهل فان الله يجرب عبده الصالح ثم قالت يا إبراهيم اصفي إلى فدار رأسه إليها ملتفتا , لدينا بعض المال لماذا لا تذهب إلى احد أقرباءك وتستمر معه بفتح مشروع يدير لنا بعض المال لنتعايش منه لعل الله أن يعطينا ونتخطى هذه الصعاب , تأني إبراهيم بعض الوقت وقال والله لأجربن حظي وذهب إبراهيم لأحد أقاربه ألا وهو علاء الجبلاوى وعرض عليه فكرته ورحب بها وقاما الاثنان بفتح مشروع استثماري مناسب للمبلغ المستثمر وبشر المشروع بنجاحات مذهلة بعد مرور حقبة من الزمن وفرح إبراهيم الجبلاوى بنجاحه وفى وذات يوم أثناء حصر أرباح المشروع وجد علاء الجبلاوى كميات هائلة من الأرباح التي يطرحها المشروع فطمع علي رأس المال الذي كان لديه رجع إبراهيم الجبلاوى يضرب كفاً على كف .. وقد عادت له الكآبة والحزن من جديد وكاد الصداع أن يفتك برأسه فجلس على كرسيه منفردا وهو يتمتم بعبارات غير مفهومه .. فهبطت زوجته من على السلم فرأته جالساً .. إبراهيم … إبراهيم ماذا حدث .. خيرا .. ماذا حدث ؟ فرفع رأسه ونظر إليها والدمع يسيل من عينيه وكأنه طفل صغير فربتت على أحد كتفيه برقة وحنان وسألته .. ماذا بك؟ فأدار رأسه ملتفتا إليها وقال بصوت خافت . أعلم يا حبيبي انك تهونين على الصعاب لابتلائي بمرض النفسي , وروى عليها القصة من علاء الجبلاوى ثم خرج من منزله وأثناء تجوله بشارع وقع نظره بمحض الصدفة على نظر علاء الجبلاوى وقامت مشاجرة عنيفة بينه وبين علاء وهما يتبادلان العبارات الجارحة وقذف الشتائم فدلت عليه زوجته فوجدته فى حالة سيئة للغاية تسأله عما حدث فلم يستطيع إجابتها بالرد عليها فقالت له سأحضرك فنجانا من القهوة وذهبت لتجهيز القهوة وأثناء ذلك انتابته الحالة النفسية بشده فاخذ يمزق ثيابه ويحطم كل المتقولات التي من حوله وسرعان ما أتت زوجته تحمل القهوة ففوجئت بهذا المنظر السيئ وارتعشت يداها وانسكبت القهوة على الأرض فصعبت عليها حال زوجها وتأثرت به تأثيرا شديدا تضرب يدا على يد والدموع تبلل عينيها فاتصلت على الفور بالطبيب النفسي وبعد برهة من الوقت دق الطبيب الجرس ففتحت له فدخل علي المريض فوجده مطروحا على الفراش ففحص حالته وقال لزوجته إنه يعانى من مرض نفسي فأنا أراه يكرر كلمة الناس الناس الناس ظل ، وإبراهيم الجبلاوى منطويا علي نفسه عدة أيام على هذا الحال ثم خرج ليشم أنفاسه في الشارع وهو يتساءل هل يظل الإنسان ظالما لأخيه ؟ وإلى متى نظل هكذا في صراع بلا رحمة ؟ ولماذا ؟ كل هذا من أجل المال ! .. يا لها من أعجوبة فاضحة ! .. وهل يقتل الإنسان أخاه ؟ نعم ويخون الصديق صديقه يا للهول لقد كرهت سماع اسمها .. فيسير حزينا متأثرا بما يدور من حوله من غش وخداع وبعد هذا كله وضع للدنيا مسمى بأنها فيلم لا ينتهي وظل يسأل نفسه من هم إبطال هذا الفيلم هل السفهاء ؟؟ أم الأمناء وأنا أتبع لمن منهما ؟ إنني لا أدارى ……….. فرجع إبراهيم إلي منزلة وتوجه إلي مرقده رؤيــة جــان وهو راقد في نوم عميق رأى حلما مفزعا فاسترسل فى الحلم فرأى مغارة مظلمة دخل فيها فرأى شخصا يشبهه فنظر من حوله فرأى جماجماً وأشياءً مروعة ووجوه غريبة ليست مألوفة بين البشر فقال له الرجل الذي رآه إبراهيم فى الحلم تعالى هنا فأنا أريك شيئا لم تره من قبل فتوجه إليه فرأى المدينة تحترق بجميع ما فيها وقال له أنا بأصبعي أطفأها فأنا سأكون معك حيثما كنت فى المنام أو فى البيت ، وعندما دون بعض مذكراته بدأ متوترا مع زوجته قلقاً في منزله يردد عبارات مسيئة علي الناس من حوله ملصق بظهره علي جدران المنزل ويضرب ضربات بيديه واحدة تلو الأخرى علي الجدران ويمضي يميناً ويساراً ويقضي طول الليل حتى الصباح مستمراً هكذا عدة أيام فبدأت زوجته تقلق عليه وفي أحد الأيام كان راقدا علي سريره محدقاً علي جدران المنزل واستمر هكذا لمدة ثلاثة أيام وفي اليوم الرابع تحدث بصوت عال لم تسمعه أذن زوجته من قبل ـ أصوات متوحشة غريبة الشكل ـ ليس لها مثيل فيقول أنا ملك الأرض السفلي ويردد القهقهة بصوت عال واستيقظ إبراهيم فذهبت زوجته مسرعة إبراهيم .. إبراهيم ما بك ؟ أنت تخرج من فمك أصواتاً غريبة وقهقهة أنا لم أعرف عم تتحدثين ؟ أقول لك .. أخرجي يا امرأة ودعيني وشأني وهو يحدق بعينيه علي زوجته وعيناه مفتوحتان كجمرتين من نار فقال يا ويلتاه ! .. ها هي زوجتي التي أحبها تحدثني عن أشياء لم أسمعها من قبل ، فذهبت الزوجة كي تهون عليه قائلة أخرج يا إبراهيم لتحضر لنا بعض الخضروات والطعام ، قال نعم سأخرج وسأحضر لك بعض الطعام . إبراهيم خارج المنزل فخرج إبراهيم يتجول في المدينة وهو لم يخرج منذ عدة شهور من منزله من أجل ظروفه الصحية وحالته النفسية الناتجة عن معاملة البشر له ، فينظر إبراهيم يميناً ويساراً يتأمل في شوارع المدينة مبتسماً يسأل في خاطره ويجيب لمَ لا … ها هي الدنيا حلوة … وهو يتأمل كأنه خرج في الدنيا ولم يرجع ، وأثناء سيره رأى فكهاني فذهب إليه السلام عليكم وعليكم السلام بكم الكيلو ؟ بسبعة جنيهات نعم زن لي سبعة كيلو ، ها هي … يا أستاذ ، مهلاً مهلاً ، إنك بطل من أبطال هذا الفيلم الدنيوي ، لماذا تقول لي بطلاً ؟ إنك بطل في الغش يا رجل تغشني في ميزانك ، وقال له سلام عليكم ، فقال : الفكهاني سلام ، ما بك تقول لى سلام بسخرية ، الفكهاني : دعني وشأني ، فذهب إبراهيم وقال ( ما علينا ) وهو ماضيا سمع ورأى طلقات نارية وشاهد الأطفال والشيوخ والنساء يهرولون فجاءه رجل من الشارع وقال بصوت عال : اختبئ … اختبئ ، مهلاً مهلاً ماذا يحدث ؟ الإرهاب ، يا للهول هؤلاء مثل قوس قزح يأتون بالرعد والرياح والمطر ما دام لا يوجد لدينا فكر فلابد أن نجني الحرمان ونجد أكثر من هذا فهؤلاء يضربون بالرصاص أما بقية الناس من حولنا يضحكون بشفاههم ويطعنون بأيديهم فهذان وجهان لعملة واحدة ، فكل هؤلاء من أبطال هذا الفيلم الدنيوي ( ما علينا ) !! أبنـــاء الشوارع 

هكــذا … جعلني المجتمع !

 

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار