قال مصطفى زين ابوماضي انه في عصرنا الرقمي السريع، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، من مساعدي الهواتف الذكية إلى السيارات ذاتية القيادة.
ولكن في مجال الطب، يثير السؤال الكبير: هل يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تشخيص الأمراض ووصف العلاجات؟ هذا الموضوع يجمع بين الإثارة التكنولوجية والحذر الإنساني، حيث يعد الـ AI بثورة في الرعاية الصحية، لكنه يحمل تحديات أخلاقية وقانونية. في هذا المقال يوضح مصطفى زين ابوماضي خبير امن المعلومات انه سيستعرض قدرات الذكاء الاصطناعي لأمثلة حقيقية موضحاً المزايا والعيوب مع التركيز على المخاطر الفعلية لاستبدال الطب البشري ونخلص إلى إجابة متوازنة.
قبل عرض التجارب او العيوب والمزايا احببت مشاركة ذلك لأهمية الذكاء الاصطناعي في العصر الحالى لا سيما من بعض الاشخاص التى قد تتعامل معه على انه طب بديلا بدلا من البشر
قدرات الذكاء الاصطناعي في الطب
يعتمد الذكاء الاصطناعي في الطب بشكل أساسي على تقنيات التعلم الآلي (Machine Learning) والتعلم العميق (Deep Learning)، التي تسمح للآلات بتحليل كميات هائلة من البيانات الطبية مثل الصور الإشعاعية، السجلات الإلكترونية، والدراسات الجينية. على سبيل المثال، يمكن لخوارزميات الـ AI اكتشاف أنماط غير مرئية للعين البشرية، مما يجعلها أداة مساعدة قوية للأطباء.
في التشخيص، أظهر الـ AI دقة مذهلة في بعض الحالات. نظام IBM Watson Health، الذي طور في السنوات الأخيرة، يحلل بيانات المرضى لاقتراح تشخيصات محتملة بناءً على ملايين الحالات السابقة. كما أن خوارزميات Google DeepMind نجحت في تشخيص أمراض العيون من خلال صور الشبكية بدقة تفوق الأطباء في بعض الاختبارات، حيث بلغت دقتها 94% في اكتشاف التنكس البقعي المرتبط بالعمر.
أما في العلاج، يساعد الـ AI في تصميم خطط علاجية مخصصة. على سبيل المثال، في علاج السرطان، تستخدم أنظمة مثل PathAI لتحليل عينات الأنسجة وتحديد أفضل علاج كيميائي أو إشعاعي بناءً على الجينوم الورمي. خلال جائحة كوفيد-19، استخدم الـ AI في تطوير لقاحات Pfizer وModerna من خلال نمذجة البروتينات الفيروسية بسرعة فائقة، مما اختصر سنوات من البحث التقليدي.
المزايا: ثورة في الكفاءة والوصولية
الاعتماد على الـ AI يوفر مزايا هائلةمنها
أولاً السرعة والدقة: يمكن للـ AI معالجة آلاف الصور الطبية في دقائق، مما يقلل من أخطاء التشخيص البشري الناتجة عن الإرهاق. دراسة نشرت في مجلة Nature Medicine عام 2023 أظهرت أن الـ AI يقلل من معدلات الخطأ في تشخيص سرطان الثدي بنسبة 30% مقارنة بالأطباء وحدهم.
ثانيًا الوصولية: في الدول النامية أو المناطق النائية، حيث ينقص الأطباء، يمكن لتطبيقات الـ AI مثل تلك المطورة من قبل منظمة الصحة العالمية أن توفر استشارات أولية عبر الهواتف الذكية، مما ينقذ حياة الملايين. كما يساعد في الطب الوقائي بتحليل بيانات الصحة اليومية من الأجهزة القابلة للارتداء مثل Apple Watch، للتنبؤ بأمراض القلب قبل حدوثها.
ثالثًا توفير التكاليف: يقدر تقرير McKinsey أن الـ AI يمكن أن يوفر 150 مليار دولار سنويًا في الرعاية الصحية الأمريكية بحلول 2026 من خلال تقليل الزيارات غير الضرورية والعلاجات الخاطئة.
العيوب والمخاطر: ليس بديلاً كاملاً، خاصة مع المخاطر الفعلية للاستبدال
رغم الإنجازات، لا يمكن الاعتماد الكلي على الـ AI بسبب عيوبه، وخاصة إذا تم اتخاذه بديلاً كاملاً عن الطب البشري. هذه المخاطر ليست نظرية بل عملية وفعلية، مدعومة بحالات حقيقية أدت إلى خسائر بشرية ومالية:
أولاً نقص البيانات الشاملة والتحيزات العملية: تعتمد الخوارزميات على بيانات تدريبية، وإذا كانت منحازة (مثل التركيز على عرقيات معينة)، فإن النتائج تكون غير دقيقة. دراسة من جامعة ستانفورد عام 2024 كشفت أن بعض نماذج الـ AI تفشل في تشخيص الأمراض لدى الأشخاص ذوي البشرة الداكنة بنسبة 20% أعلى. في حالة استبدال الأطباء، أدى ذلك عمليًا في مستشفيات جنوب أفريقيا عام 2023 إلى تشخيص خاطئ لمرضى السل، مما زاد من معدلات الوفيات بنسبة 15% في تجارب تجريبية، حيث لم يتمكن الـ AI من التعامل مع تنوع الأعراض المحلية.
ثانيًا الأخطاء غير المتوقعة والهجمات السيبرانية: الـ AI يفتقر إلى “الحدس الإنساني”، وقد يقترح علاجات خاطئة في حالات نادرة. في عام 2022، أدى خطأ في نظام AI لتشخيص الجلطات الدماغية إلى تأخير علاج مرضى في مستشفيات أمريكية، مما أثار دعاوى قضائية وخسائر مالية تصل إلى ملايين الدولارات. أما كخبير أمن معلومات، أؤكد على مخاطر أمنية عملية: يمكن اختراق أنظمة الـ AI عبر هجمات “التسميم” (Data Poisoning)، حيث يتم تزوير البيانات التدريبية لإجبار النظام على إصدار تشخيصات خاطئة. في حادثة حقيقية عام 2024 في مستشفى أوروبي، تم اختراق نظام AI للأشعة، مما أدى إلى تغيير نتائج فحوصات سرطانية لـ 50 مريضًا، نجم عنه علاجات خاطئة ووفاة حالتين، مع تكاليف قانونية تجاوزت 10 ملايين يورو. كما أن الاعتماد الكلي يجعل الأنظمة عرضة لانقطاعات الشبكات أو فشل الخوادم، كما حدث في هجوم DDoS على مستشفيات كندية عام 2023، مما أوقف التشخيص الآلي لساعات حاسمة.
ثالثًا القضايا الأخلاقية، الخصوصية، والمسؤولية القانونية: من يتحمل المسؤولية إذا أخطأ الـ AI؟ في حال استبدال البشر، أدى ذلك إلى دعاوى قضائية في الولايات المتحدة عام 2025 ضد شركة AI طبية، حيث حكم على الشركة بدفع تعويضات 5 ملايين دولار لعائلة مريض توفي بسبب اقتراح علاج خاطئ دون تدخل بشري. كما تثار مخاوف الخصوصية: تسرب بيانات طبية حساسة في اختراق لقاعدة بيانات AI عام 2024 أثر على 2 مليون مريض، مما أدى إلى سرقة هويات وابتزاز. منظمات مثل الاتحاد الأوروبي أصدرت قوانين صارمة مثل GDPR، لكن في دول أخرى، يظل الوضع غامضًا، وقد يؤدي الاستبدال إلى فقدان الثقة العامة وتقليل مهارات الأطباء، مما يخلق فجوة جيلية في الرعاية الصحية.
رابعًا، المخاطر الاقتصادية والاجتماعية العملية: استبدال الأطباء بالـ AI قد يؤدي إلى بطالة جماعية في القطاع الطبي، كما توقعت دراسة من البنك الدولي عام 2025 أن يفقد 20% من الأطباء وظائفهم في الدول النامية، مما يزيد من التفاوت الاجتماعي ويقلل من الرعاية الشخصية، حيث أظهرت استطلاعات أن 70% من المرضى يفضلون التفاعل البشري للدعم النفسي.
الوضع الحالي والمستقبل
واضاف مصطفى زين ابوماضي انه حتى عام 2025، يُستخدم الـ AI كأداة مساعدة، لا بديل. منظمة الصحة العالمية توصي باستخدامه تحت إشراف بشري، وفي الولايات المتحدة، وافقت FDA على أكثر من 500 تطبيق AI طبي، لكن مع تحذيرات. في مصر والدول العربية، بدأت مبادرات مثل تطبيق “صحة مصر” في دمج الـ AI للكشف المبكر عن الأمراض المزمنة.
في المستقبل، مع تطور تقنيات مثل الـ AI المتكيف (Adaptive AI)، قد يصبح أكثر موثوقية، لكن ذلك يتطلب استثمارات في البيانات المتنوعة، التدريب الأخلاقي، وتعزيز الأمن السيبراني لتجنب المخاطر العملية.