هنا نابل / بقلم المعز غني
** قلوب ❤ دافئة
في فصل الشتاء البارد **
في فصل الشتاء ، حين تشتدّ البرودة ، لا يكون الصقيع في الطقس وحده، بل في الأرواح أيضًا.
شتاء القلوب أقسى من شتاء الفصول ، وليل المشاعر أطول من ليل السماء.
هناك من يملك مدفأة في بيته ، لكنه يرتجف من الوحدة ، وهناك من لا يملك سوى قلبٍ صادق ، فيمنح الدفء لكل من أقترب منه .
قد أكتب أحيانًا بعض العبارات البسيطة ، يقرؤها الجميع لكن تأثيرها يختلف من شخصٍ لآخر.
فمنهم من يشعر بنفس شعوري ، وكأن الكلمات كُتبت له وحده ، ومنهم من يسرح بخياله بعيدًا ، ومنهم من يرى نفسه بين السطور ، ومنهم من لا تعجبه الكلمات فيسخر … وهكذا هي الكتابة ، لا تُرضي الجميع ، لكنها تصل دائمًا إلى من كُتبت لهم بصدق .
فالكتابة ، أحبتي في الله وأصدقائي الأفاضل ، ليست حروفًا تُرصّ ، ولا كلمات تُزيّن ، بل إحساس يُنزف على الورق.
قد تكون همسةً في أذن متعب ، أو صرخةً في وجه صمتٍ طويل ، أو إعجابًا خجولًا ، أو حبًا صادقًا ، أو أنينًا موجوعًا ، أو وجعًا لا يجد طريقه للبكاء.
لكنها في كل الأحوال شعور ، والشعور الصادق لا يخطئ طريقه إلى القلوب النقية .
في الشتاء نحتاج إلى قلوب دافئة أكثر من حاجتنا إلى المعاطف. نحتاج إلى كلمة طيبة تُقال في وقتها ، إلى يدٍ تُمسك بنا حين نتعثر ، إلى إبتسامة ٍ صادقة تُقال بلا سبب ، إلى شخصٍ يفهم صمتنا قبل كلامنا.
فكم من شخصٍ يعيش بين الناس ، لكنه يشعر بوحدةٍ قاتلة ، وكم من قلبٍ متعب ينتظر كلمة واحدة تُعيد له الحياة .
القلوب الدافئة لا تُقاس بكثرة الكلام ، بل بصدق الشعور ، هي تلك التي تشعر بك وأنت لم تتحدث ، وتحتويك وأنت في أسوأ حالاتك ، وتسامحك وأنت مخطئ ، وتدعو لك في غيابك ، وتفرح لفرحك دون غيرة ، وتحزن لحزنك دون مقابل.
هي قلوب لا تعرف القسوة طريقًا ، ولا تجيد إلا لغة الرحمة.
في هذا الشتاء البارد ، لنتعلم أن نكون دفئًا لبعضنا ، أن نخفف عن بعضنا ثقل الأيام ، أن نزرع الطمأنينة في القلوب المتعبة ، وأن نُحسن الظن ما استطعنا،
فليس كل صامتٍ متكبر ، ولا كل قاسٍ إلا موجوع. الناس يا سادة لا تحتاج إلى نصائح بقدر ما تحتاج إلى إحتواء .
أما أنا ، فستبقى الكتابة ملجئي ، أكتب لأنني أشعر ، وأشعر لأنني إنسان ، وأؤمن أن أجمل ما في الحروف أنها حين تُكتب بصدق ، تصل إلى القلوب الصادقة المليئة بالمحبة،
وهذا — والله — أهم شيء بالنسبة لي.
فطوبى لكل قلبٍ دافئ في زمن البرد ، وطوبى لكل روحٍ أختارت أن تكون نورًا لا ظلاً ، ودفئًا لا صقيعًا ، وصدقًا لا زيفًا .
بقلم المعز غ
ني
عاشق الترحال وروح الاكتشاف

