هنا نابل بقلم المعز غني
أزمة الدواء في تونس
ترشيد الدواء كارثة تعصف بحياة المواطن
لم يعد الحديث عن “أزمة الدواء” في تونس مجرّد خبر عابر في نشرات المساء ، بل أصبح واقعا ثقيلا يعيشه التونسي يوميًا.
أزمة تراكمت عبر السنين حتى بلغت مستوى ينذر بالإنهيار ، مهددة حياة ملايين المرضى ومعرضة آلاف الصيدليات للإفلاس.
1)- . أزمة مستمرة وليست ظرفية
تؤكد المؤشرات أن النقص في الأدوية لم يعد ظرفيًا كما تحاول بعض الأطراف الرسمية الترويج لذلك ، بل هو أزمة هيكلية عميقة . رفوف الصيدليات تفضح الواقع : أدوية مزمنة مفقودة ، بدائل محدودة ، ومريض تائه بين صبر الإنتظار وغلاء السوق الموازية.
2)- . تصعيد غير مسبوق من الصيادلة
في خطوة غير معهودة ، أعلنت النقابة الوطنية لأصحاب الصيدليات الخاصة عن تعليق العمل بصيغة “الطرف الدافع” إرتداءً من 1 أكتوبر. القرار جاء بعد أن تراكمت ديون صندوق التأمين على المرض (الكنام) تجاه الصيادلة ، حيث إرتفع آجال الخلاص من 14 يوما قانونيا إلى 180 يوما فعليًا، ما حوّل الصيدلي إلى بنك صغير يموّل المنظومة على حسابه الخاص.
3)- . تداعيات مباشرة على المرضى
النتيجة المباشرة لهذا التصعيد كانت صادمة : المرضى مجبرون على دفع ثمن الأدوية من جيوبهم ثم إنتظار التعويض بعد أشهر طويلة.
البعض اضطر للتخلي عن علاجه لعدم توفر المال ، فيما لجأ آخرون إلى الإقتراض أو البحث عن دواء في الخارج.
أزمة جعلت من المرض إمتحانًا مضاعفًا : جسديًا وماديًا .
4)- . صمت رسمي وغياب الحلول
وزارة الصحة تواصل نفي وجود أزمة حقيقية ، مكتفية بشعارات حول “ترشيد الاستهلاك” و”التشجيع على الأدوية الجنيسة”.
لكن الواقع في المستشفيات والصيدليات يفضح التناقض: نقص حاد ، طوابير طويلة ، وتذمّر متزايد من المواطنين.
السؤال المطروح : هل يكفي الخطاب لتغطية عجز الدولة؟
5)- . منظومة على حافة الانهيار
الأزمة تجاوزت بعدها المالي لتصبح تهديدًا وجوديًا للمنظومة الصحية برمّتها ، إستمرارها يعني إنهيار العلاقة التعاقدية بين الصيدليات والكنام ، وهو ما سيضع المواطن في مواجهة مباشرة مع تكاليف العلاج الباهظة ، دون غطاء إجتماعي يحميه.
6)- . مستقبل أكثر قتامة؟
المختصون يحذّرون: إن لم تتحرك الدولة بخطة إنقاذ عاجلة ، فإن القطيعة المرتقبة بين الصيدليات والكنام ستكلّف أرواحًا بشرية ، خصوصًا بين المرضى المزمنين وأصحاب الأمراض الخطيرة.
إنها أزمة تطرق أبواب البيوت جميعًا بلا استثناء.
الخلاصة:
أزمة الدواء في تونس لم تعد مجرد ملف تقني أو إشكال مالي ، بل صارت مرآة لفشل في إدارة الحكم ، وأزمة ثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
في وطن يتأرجح بين الخطاب الرسمي المطمئن والواقع الميداني المرير ، يبقى المواطن وحده في مواجهة المرض ، متروكًا بلا حماية ولا دواء .
لمسة ختامية:
حين يصبح الدواء نادرًا كالحلم ، ويغدو المرض أثقل من الصمت ، فلا بد أن نرفع أصواتنا قبل أن نفقد القدرة على الكلام.
شاركوني أنتم أيضًا شهاداتكم وتجاربكم : هل عايشتم هذه الأزمة في حياتكم اليومية؟ وهل فقدتم يومًا دواءً أنقذ حياتكم أو حياة قريب لكم؟
اللهم إنني أسألك فرجا قريبا وصبرا جميلا ، وعافية من كل بلاء .
اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا وكن لي رؤوفا رحيما ، اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال
بقلم المعز غني عاشق الترحال وروح الاكتشاف
هنا نابل بقلم المعز غني
أزمة الدواء في تونس
ترشيد الدواء كارثة تعصف بحياة المواطن