
هنا نابل
✍️ بقلم المعز غني
جمالنا الحقيقي لا يُقاس بمرآة ولا يحدّه شكل أو مظهر ، بل هو مرآة الروح التي تعكس طُهر القلب ونقاء النوايا .
هو ذاك النور الذي يسكن النفس ، حين نرتقي فوق الغرور ونتحرر من قيود الأنانية والتفاخر الأجوف .
جمالنا الحقيقي هو كرم اليد حين تعطي ، وكرم القلب حين يسامح … هو أن تزرع الخير في درب الآخرين دون أن تنتظر التصفيق أو الجزاء .
هو أن تكون صوتًا لمن لا صوت له ، وأن تكون كتفًا لمن أثقلته هموم الحياة .
جمالنا الحقيقي أن نشعر بوجع الآخر دون أن ينبس ببنت شفة ، أن نتقن لغة الصمت حين تصرخ الأرواح ألماً ، فنواسيها بحنان الشعور لا بكثرة الكلام.
ذلك الجمال لا تهزمه سنوات العمر ، ولا تبهت ألوانه لأنه متجذّر في القيم والأخلاق … هو ذاك الصفاء الذي يجعل البسيط عظيمًا، والمتواضع مهابًا .
لكن يا للأسف …
صرنا نعيش زمن القشور والمظاهر ، زمن التصنع والتملق ، زمن الصورة التي طغت على الجوهر … خاصة بين شبابنا التونسي والعربي الذين باتوا أسرى لمنصات التواصل الإجتماعي والفايسبوك والتيك توك ، وأوهام التجميل الكاذب.
صار الشاب يُقدّر بما يرتدي لا بما يحمل من فكر … وصارت الفتاة تُقاس بجمال ملامحها لا بضياء عقلها .
لقد بتنا نعيش وسط زيف إجتماعي يقتل ببطء جمال الروح … نحتاج إلى ثورة داخلية تعيد ترتيب القيم ، تعيد البوصلة إلى مكامن الجمال الأصيل : في الأدب ، في التواضع ، في الصدق ، في إحترام الكبير وصون الصغير.
فلنعلم أن الجمال الحقيقي لا يشيخ ، بل يزداد ألقًا مع الزمن … لأن الروح الطيبة لا يجفّ نبعها ، والقلب النقي لا يملّ العطاء مهما تغيرت ملامح الوجه وتجاعيد العمر .
هي دعوة مني إلى شباب بلدي …
أعيدوا الإعتبار للجوهر على حساب المظهر ، فبجمال الروح تسمو الأمم وتزدهر المجتمعات …
ولا تنسوا قول الشاعر :
ليس الجمال بأثواب تزيننا *** إن الجمال جمال العلم والأدب.
والله من وراء القصد …
✒️ المعز غني
هنا نابل