هَويسُ النَّهْر …
للشاعر. عباس محمود عامر
” مصر ”
(1 )
في الخَارِجْ
يأْتِينَا العَامُ ورَاءَ العَامْ
بدُونَ فصُولٍ وموَاسِمْ ،
صَدَأٌ في حَلْقِ السَّاقِيةِ يَئْنُ
نَتَرْقُبُ غَيْثًا لَا لَوْنَ لَهُ
كَيْ تَجْلُوَ فِينَا السَّاقِيَةْ ،
وصيَاحُ الدّاجِنِ عنْدَ الجَارِ ،
صُغَارٌ لبَسَتْ منْ قِشْرِ الأرْضِ
بوَارَاً
ويبَابَاً
تبْحَثُ في أكْوَامِ اللَّعْنَةِ
عنْ فَضَلاتٍ مُلْقَاةٍ
البَاعَةُ بَاعُوا لهُم العُمْرَ المغْشُوشَ ،
وأوْطَاناً
فقَدتْ تَارِيخَ صلاحيَّتِهَا ..
(2)
في الدَّاخِلِ
في غُرفٍ منْ خَشَبٍ وصَفِيحٍ
قائِظَةٍ بالقَهْر
قِطَتُنَا تَسْتَجْدِى وتمُوءْ،
ونسَاءٌ يجْلسْنَ في البَاحةِ ،
ويضَعْنَ الكَفَّ على الخَدِّ
يشْعلْنَ الكَانُونَ ،
وأفْرَانَ الجُرحِ
ليَطْهيْنَ مرَارَ الأحْزَان ْ..
(3)
في الحُلْمِ دوَارٌ ،
وأشِعَّتُه الموْجِيَّةُ
يمْلؤهَا الغَيْمُ بلا مَطَرٍ ..
…………………………
تهْربُ منَّا الأشْجَارُ
تنَامُ على أرْصِفةِ اللَّيلِ
كأنَّ فصَاماً أذْبَلهَا ،
وتوابِيتُ الغُربةِ يجْرفُهَا التَّيارُ
فتودّعُهَا هيَاكلُ
تحْلمُ بالنَّبضِ الضَّائعْ ..
(4)
لا تخْش
مابيْنَ السَّائِلِ والمَسْؤلْ
زَمَنٌ منْ جَمْرٍ ،
وخوَاءٌ يلْقِيْنَا في قَاعِ الصَّمتْ ..
………………………….
(5)
ما حَدَثَ الآنَ
هُو فَرْمَلةٌ لقِطَارِ النَّجعْ ،
لا يفْزَعكَ البُوقُ ،
ولاصَلْصَلةُ العَربَاتِ
مع القُضْبَانْ ..
(6)
في يَومٍ مَا
دَقَّ البَابْ
قَالُوا :
إنِّى أحْفُرُ مسْقَاةً للدَّمعْ
داعَبْتُ الأمْوَاجَ ،
وفتحْتُ هَوِيْسَ النَّهْر
أغْرَقْتُ البرِّيََّةْ
أغْرَقْتُ محَاصِيلَ الأجْرَانِ /
بسَاتِينَ الأسْوَارِ العَاليةْ
ذابَتْ في دَمْعِى قِطَعُ الأثَاثْ ،
وفراءُ المُتْعَةِ والسِّجَّادْ ،
وانْطَلقَ المَاءُ
فَضَّ شِجَارَ الأزْوَاجْ ،
وعِرَاكَ الأطْفَالِ الملْهُوفةِ في الحَارَاتِ
عَلى الحَلْوَى والأشْيَاءْ..
(7)
ترَكَ النَّاسُ منَازِلَهمْ
رَاحُوا يبْتَهجُونَ بعُرسِ المَاءْ ..
(8)
لا تخْش
ماحَدثَ الآنَ
هُو فَرْمَلةٌ لقِطَارِ النَّجعْ ،
وهُنَا
ليْسَتْ خَاتِمَةَ العُمْر
وعَلى القَاطِرةِ الآنَ تَسِيْر ..
=======هَويسُ النَّهْر